Sharh Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Genres
قوله: "فإن إتمام الجواب موقوف على هذا" يعني أن جعل التعريف المذكور تفسيرا للفظ الكتاب أو القرآن وتمييزا له عن سائر الكتب أو الكلام الأزلي يجوز في معرفة المصحف الاكتفاء بالعرف أو الإشارة ونحو ذلك ولا يلزم الدور وإن جعل تعريفا لماهية الكتاب أو القرآن فلا بد من معرفة ماهية المصحف وهي موقوفة على معرفة ماهية القرآن ضرورة أنه لا معنى له إلا ما كتب فيه القرآن فيلزم الدور لا يقال فالدور إنما يلزم إذا جعل تعريفا لماهية القرآن دون الكتاب؛ لأنا نقول ماهية الكتاب هي بعينها ماهية القرآن لما مر من أنهما اسمان لشيء واحد فتوقف المصحف على عرف ماهية القرآن بالمكتوب في المصحف فلا بد من معرفة ماهية المصحف فلا يكفي حينئذ معرفة المصحف ببعض الوجوه كالإشارة ونحوها، ثم معرفة ماهية المصحف موقوفة على معرفة ماهية القرآن.
ثم أراد أن يبين أن القرآن ليس قابلا للحد بقوله "على أن الشخصي لا يحد" فإن الحد هو القول المعرف للشيء المشتمل على أجزائه، وهذا لا يفيد معرفة الشخصيات بل لا بد
...................................................................... ..........................
ماهية القرآن توقفه على ماهية الكتاب، وبهذا يظهر أن تفسير المصحف بما جمع فيه الوحي المتلو لا يدفع الدور؛ لأنه أيضا عبارة عن الكتاب والقرآن فالمصحف صرح بأنه ليس تعريفا للماهية سواء عرف به الكتاب أو القرآن إشارة إلى أنه لا فرق في لزوم الدور بين الصورتين، ثم قال، وإنما يلزم الدوران لو أريد تعريف ماهية القرآن إشارة إلى أن ماهية الكتاب هي ماهية القرآن فذكر أحدهما مغن عن ذكر الآخر، فإن قيل يفسر المصحف بما جمع فيه الصحائف مطلقا على ما هو موضوع في اللغة ويخرج منسوخ التلاوة عن التعريف بقيد التواتر فلا دور قلنا عدول عن الظاهر إلى الخفي وعن الحقيقة إلى المجاز العرفي فلا يحسن في التعريفات، فإن قيل تعريف الأصول إنما هو للمفهوم الكلي الصادق على المجموع وعلى كل بعض ومعرفة المصحف إنما تتوقف على القرآن بمعنى المجموع الشخصي، وهو معلوم معهود بين الناس يحفظونه ويتدارسونه فلا يشتبه عليهم فلا دور قلنا لو سلم معرفة المجموع الشخصي بحقيقته بدون معرفة المفهوم الكلي فمبنى كلام المصنف على أن التعريف للمجموع الشخصي دون المفهوم الكلي.
قوله: "بل تشخيصه" أي تمييزه بخواصه فإن كلمة أي إنما يطلب بها تمييز الشيء بما يخصه شخصا كان أو غيره.
قوله: "يطلق على الكلام الأزلي" كما في قوله عليه السلام: "القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق" الحديث، وهو صفة قديمة منافية للسكوت والآفة ليست من جنس الحروف والأصوات لا تختلف إلى الأمر والنهي والإخبار ولا تتعلق بالماضي والحال والاستقبال إلا بحسب التعلقات والإضافات كالعلم والقدرة وسائر الصفات، وهذا الكلام اللفظي الحادث المؤلف من الأصوات والحروف القائمة بمحالها يسمى كلام الله تعالى والقرآن على معنى أنه عبارة عن ذلك المعنى القديم إلا أن الأحكام لما كانت في نظر الأصولي منوطة بالكلام اللفظي دون الأزلي جعل القرآن اسما له واعتبر في تفسيره ما يميزه عن المعنى القديم لا يقال التمييز يحصل بمجرد ذكر النقل فلا حاجة إلى باقي القيود؛ لأنا نقول التعريف، وإن كان للتمييز لا بد وأن يساوي المعرف فذكر باقي القيود لتحصيل المساواة.
Page 49