Sharḥ al-Talwīḥ ʿalā al-Tawḍīḥ li-matn al-Tanqīḥ fī uṣūl al-fiqh
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Genres
قوله: "نحو: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه} [الأنعام:38]" ذكر صاحب الكشاف أن معنى زيادة "في الأرض" و"يطير بجناحيه" هو زيادة التعميم والإحاطة كأنه قيل: وما من دابة قط في التخصيص لا تنحصر فيما ذكر نحو: الجسم الطويل العريض العميق متحيز وكالمدح، أو الذم أو التأكيد نحو: أمس الدابر لا يعود أو غيره نحو {وما من دابة في الأرض} فلم يوجد الجزم بأن كل الموجبات منفية إلا نفي الحكم عما عداه ولأن أقصى درجاته أن يكون علة، وهي لا تدل على ما ذكر ; لأن الحكم يثبت بعلل شتى ونحن نقول أيضا
قوله نحو الجسم أي موجبات التخصيص لا تنحصر فيما ذكر نحو: الجسم إلخ، ونحو: المدح والذم فإن موجبات التخصيص في هذه الصور أشياء أخر غير ما ذكروا "أو التأكيد نحو: أمس الدابر لا يعود أو غيره" أي غير التأكيد "نحو: {وما من دابة في الأرض} فلم يوجد الجزم بأن كل الموجبات منفية إلا نفي الحكم عما عداه" فقوله تعالى: {وما من دابة في الأرض}، وصف الدابة بكونها في الأرض، ولا يراد نفي الحكم بدون ذلك الوصف؛ لأن الدابة لا تكون إلا في الأرض مع أنه لم يوجد شيء من موجبات التخصيص المذكورة، وقد ذكر في المفتاح أنه تعالى إنما وصفها بكونها في الأرض ليعلم أن المراد ليس دابة مخصوصة بل كل ما يدب في الأرض فعلم أن موجبات التخصيص، وفوائده أشياء كثيرة غير محصورة فلا يحصل الجزم بأن كل موجبات التخصيص منتفية إلا نفي الحكم عما عداه، وما ذكروا من استقباح العقلاء فلأنهم لم يجدوا في مثل هذا المثال لوصف الإنسان بالطول فائدة أصلا لكن المثال الواحد لا يفيد الحكم الكلي على أنه كثيرا ما يكون في كتاب الله وكلام الرسول لكلمة واحدة ألف فائدة تعجز عن دركها أفهام العقلاء وقوله لكان ذكره ترجيحا من غير مرجح في حيز المنع؛ لأن المرجح لا ينحصر فيما ذكر "ولأن أقصى درجاته" أي الوصف "أن يكون علة، وهي لا تدل على ما ذكر؛ لأن الحكم يثبت بعلل شتى" جواب عن قوله؛ ولأن مثل هذا الكلام يدل. "ونحن نقول أيضا بعدم الحكم" أي عند عدم الوصف "لكن بناء على عدم العلة" فيكون عدم الحكم عدما أصليا لا حكما شرعيا "لا أنه علة لعدمه" أي
...................................................................... ..........................
جميع الأرضين السبع، وما من طائر قط في جو السماء من جميع ما يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم محفوظة أحوالها غير مهمل أمرها، وقال صاحب المفتاح ذكر في الأرض مع دابة، ويطير بجناحيه مع طائر لبيان أن القصد من لفظ دابة ولفظ طائر إنما هو إلى الجنسين، وإلى تقريرهما يعني أن اسم الجنس حامل لمعنى الجنسية، والوحدة فإذا شفع بما هو من خواص الجنس دون الفرد دل على أن القصد به إنما هو إلى الجنس لا لفرد، والمعنى الذي حمل عليه المصنف رحمه الله تعالى كلام المفتاح من أنه إنما ذكر الوصف ليعلم أن المراد ليس دابة مخصوصة بعيد؛ لأن ذلك معلوم قطعا بدون الوصف؛ لأن النكرة المنفية لا سيما مع من الاستقرائية قطعية في العموم والاستغراق لا تحتمل الخصوص أصلا بإجماع أهل العربية.
Page 271