Sharh Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Genres
قوله: "وزعم البعض" لو قال لغير المدخول بها إن دخلت الدار فأنت طالق، وطالق، وطالق تقع الواحدة عند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه، والثلاث عندهما فزعم البعض أن هذا مبني على أن الواو عنده للترتيب فتبين بالأولى فلا تصادف الثانية والثالثة المحل كما لو ذكر بالفاء أو ثم وعندهما للمقارنة فيقع الثلاث دفعة كما إذا قال إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ورد ذلك بالمنع والنقض والحل، أما المنع فلأنه لا يلزم من ثبوت المقارنة أو الترتيب في موارد استعمال الواو، وكونه مستفادا من الواو لأن المطلق لا يتحقق في الخارج إلا مقيدا، وأما النقض فلأنها لو كانت للترتيب عنده، وللمقارنة عندهما لما اتفقوا على وقوع الواحدة في أنت طالق وطالق وطالق منجزا، والثلاث في مثل أنت طالق وطالق وطالق إن دخلت الدار بتأخير الشرط، وأما الحل فهو أن للترتيب وإن زوجه الفضولي أختين بعقدين فأجازهما متفرقا بطل نكاح الثانية وإن أجازهما معا أو بحرف العطف بطلا فجعلتموه للقران فإن قال أعتق أبي في مرض موته هذا وهذا وهذا ولا وارث له ولا مال سوى ذلك فإن أقر متصلا عتق من كل ثلثه، وإن سكت فيما بين ذلك عتق الأول ونصف الثاني وثلث الثالث فجعلتموه للقران
كما يتعلق الثاني والثالث بالشرط بواسطة الأول يقع كذلك فإن المعلق بالشرط كالمنجز عند الشرط وفي المنجز تقع واحدة لأنه لا يبقى المحل للثاني والثالث وعندهما يقع جملة لأن الترتيب في التكلم لا في صيرورته طلاقا" أي لا ترتيب في صيرورته هذا اللفظ تطليقا عند الشرط "كما إذا كرر ثلاث مرات مع غير المدخول بها قوله إن دخلت الدار فأنت طالق فعند الشرط يقع الثلاث كذا هنا وإن قدم الأجزية" أي قال لغير المدخول بها أنت طالق وطالق
...................................................................... ..........................
الاختلاف المذكور مبني على أن تعليق الأجزية بالشرط عنده على سبيل التعاقب لأن قوله إن دخلت الدار فأنت طالق جملة كاملة مستغنية عما بعدها فيحصل بها التعليق بالشرط، وقوله: وطالق جملة ناقصة مفتقرة في الإفادة إلى الأولى فيكون تعليق الثانية بعد، وتعليق الأولى والثالثة بعدهما، وإذا كان تعليق الأجزية بالشرط على سبيل التعاقب دون الاجتماع كان وقوعها أيضا كذلك لأن المعلق بالشرط كالمنجز عند وجود الشرط، وفي المنجز تبين بالأولى فلا تصادف الثانية والثالثة المحل، وهذا بمنزلة الجواهر المنظومة تنزل عند الانحلال على الترتيب الذي نظمت به بخلاف ما إذا كرر الشرط فإن الكل يتعلق بالشرط بلا واسطة وبخلاف ما إذا قدم الأجزية فإن الكل يتعلق بالشرط دفعة لأنه إذا كان في آخر الكلام ما يغير أوله يتوقف الأول على الآخر فلا يكون فيه تعاقب في التعليق حتى يلزم التعاقب في الوقوع وعندهما يقع الكل دفعة لأن زمان الوقوع هو زمان وجود الشرط، والتفريق إنما هو في أزمنة التعليق لا في أزمنة التطليق لأن الترتيب إنما هو في التكلم لا في صيرورة اللفظ تطليقا.
وتحقيقه أن عطف الناقصة على الكاملة يوجب تقدير ما في الكاملة تكميلا للناقصة حتى لو قال هذه طالق ثلاثا وهذه، يجب تثليث طلاق الثانية أيضا بخلاف هذه طالق ثلاثا وهذه طالق، وفي الكاملة الشرط مذكور فيجب تقديره في كل من الأخيرين فيصير بمنزلة ما إذا قال لغير المدخول بها إن دخلت الدار فأنت طالق إن دخلت الدار فأنت طالق إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاث مرات فعند الدخول يقع الثلاث فكذا هاهنا لأن المقدار كالملفوظ بخلاف ما إذا ذكره بالفاء أو ثم أو قال إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا واحدة بعد واحدة فإنه صريح في تفريق أزمنة الوقوع، ويقرب من ذلك ما يقال إن هذا الكلام ليس بطلاق في الحال بل له عرضية أن يصير طلاقا عند وجود الشرط فلا يقبل وصف الترتيب في الحال لأن الوصف لا يسبق الموصوف فكانت العبرة بحال الوقوع اجتماعا وافتراقا لا بحال التعليق، وليس هاهنا ما يوجب تفريق أزمنة الوقوع بخلاف الفاء وثم، واعلم أن تأخير وجه قولهما مع عدم الجواب عنه لا يخلو عن ميل إلى رجحانه على ما أشير إليه في الأسرار.
Page 184