Sharh Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Genres
قوله: "والنفي في المقيس عليه" يعني أن حمل المطلق على المقيد بالقياس فاسد أما أولا فلأن هذا القياس ليس تعدية للحكم الشرعي بل للعدم الأصلي، وهو عدم إجزاء غير المقيد في صورة فيصير القياس هنا مبطلا للنص وقد قام الفرق بين الكفارات فإن القتل من أعظم الكبائر لا يقال أنتم قيدتم الرقبة بالسلامة لأن المطلق لا يتناول ما كان ناقصا في كونه رقبة، وهو فائت جنس المنفعة، وهذا ما قال علماؤنا أن المطلق ينصرف إلى الكامل ولا
الآخر، ويثبت حكم الصدر بعد التكلم بالمغير لئلا يلزم التناقض فلا يكون إيجاب الرقبة ثم نفي الرقبة الكافرة بالنص المقيد بل النص لإيجاب الرقبة المؤمنة ابتداء فتكون الكافرة باقية على العدم الأصلي كما في القسم الأول من الإعدام، وشرط القياس أن يكون الحكم المعدى حكما شرعيا لا عدما أصليا.
"ولا يمكن أن يعدى القيد فيثبت العدم ضمنا جواب إشكال مقدر"، وهو أن يقال نحن نعدي القيد، وهو حكم شرعي لأنه ثابت بالنص فيثبت عدم إجزاء الكافرة ضمنا لا أنا نعدي هذا العدم قصدا، ومثل هذا يجوز في القياس فنجيب بقولنا "لأن القيد"، وهو قيد الإيمان مثلا "يدل على الإثبات في المقيد" أي يدل على إثبات الحكم في المقيد، وهو الإجزاء في تحرير رقبة يوجد فيه قيد الإيمان "والنفي في غيره" أي على نفي الحكم، وهو نفي
...................................................................... ..........................
التقييد لما سيجيء في فصل مفهوم المخالفة. وأما ثانيا فلأن فيه إبطالا لحكم شرعي ثابت بالنص المطلق، وهو إجزاء غير المقيد كالكافرة مثلا. وأما ثالثا فلأن شرط القياس عدم النص على ثبوت الحكم في المقيس أو انتفائه، وهاهنا المطلق نص دال على إجزاء المقيد وغيره من غير وجوب أحدهما على التعيين فلا يجوز أن يثبت بالقياس إجزاء المقيد، ولا عدم إجزاء غير المقيد لا يقال المطلق ساكت عن القيد غير متعرض له لا بالنفي، ولا بالإثبات فيكون المحل في حق الوصف خاليا عن النص لأنا نقول ممنوع بل هو ناطق بالحكم في المحل سواء وجد القيد أو لم يوجد، ومعنى قولهم أن المطلق غير متعرض للصفات لا بالنفي، ولا بالإثبات أنه لا يدل على أحدهما بالتعيين هذا، ولكن للخصم أن يقول إن المعدى هو وجوب القيد لا إجزاء المقيد، ولا نسلم أن النص المطلق يدل على وجوب القيد بل على وجوب المطلق أعم من أن يكون في ضمن المقيد أو غيره، وبهذا يندفع ما يقال إنه على تقدير صحة هذه التعدية لا يلزم عدم إجزاء غير المقيدة كالكافرة في كفارة اليمين لأن غاية الأمر أن يجمع فيه نصان مطلق، ومقيد تقديرا، ولا دلالة للمقيد على عدم الحكم عند عدم القيد فيجوز الكافرة بالنص المطلق، والمؤمنة به، وبالنص المقيد أيضا، ولا امتناع في اجتماع النص، والقياس في حكم واحد على أنا نقول المذهب أنه إذا اجتمع المطلق، والمقيد في حادثة واحدة في الحكم فالحمل، واجب اتفاقا كما مر.
قوله: "لأن القيد يدل على الإثبات في المقيد، والنفي في غيره" فإن قلت هذا صريح في أن النفي أيضا مدلول النص كالإثبات فيكون حكما شرعيا ضرورة فيناقض ما تقدم من أنه لا دلالة في المقيد على نفي الكافرة أصلا، وأنه عدم أصلي لا حكم شرعي، ولا يصح أن يكون من باب مجاراة الخصم بتسليم بعض مقدماته كما لا يخفى على الناظر في السياق، والسياق قلت تسامح في العبارة، والمقصود أنه لما ذكر القيد فهم أن عدم إجزاء الكافرة باق على العدم الأصلي.
Page 119