قال صاحب المنهاج: " لكن الأقرب أن أبا عبد الله يجعل تلك المرة متعينة في أول مرة يكون ذلك الفلان على السطح، فإذا تجنب الصعود في تلك الحال فقد امتثل، ولا يلزمه بعد تلك المرة أن يترك الصعود؛ لأنه قد امتثل، وأما لو صعد أول مرة وهو فيه؛ فقد خالف ما نهي عنه حينئذ"، واحتج أبو عبد الله البصري بأن السيد إذا قال لعبده: لا تخرج من بغداد إذا جاء زيد، أفاد مرة واحدة، وإذا قال: لا تخرج من بغداد وأطلق القول أفاد المنع من الخروج على التأبيد، قلنا: لا فرق بين الصورتين في اقتضاء الدوام على حسب ما مر، لكن النهي المطلق يقتضيه دائما، والمقيد يقتضيه بحسب ما قيد به، قال صاحب المنهاج: " والأقرب أن الشرط إن تضمن التعليل اقتضى الدوام، نحو: لا تدخل الحمام إن لم يكن معك مستر، فإنا نفهم أن العلة فيه كراهة كشف العورة، فيستمر ذلك مهما حصلت العلة، وإن لم يفهم منه معنى التعليل، كلا تدخل المسجد إن كان زيد في الدار، اعتمد على ما فهم من مقصد الشارط، فإن لم يفهم شيئا فالظاهر الدوام كالمطلق، إذ تقديره: لا يكون لدخول المسجد وجود زيد في الدار، فهذا يقتضي عموم الأوقات، فكذلك ما هو في معناه"، قال: " وهذا التفصيل عائد إلى تصحيح ما قاله الأكثر من أنه للدوام إلا لقرينة"، انتهى.
وقد يقتضي النهي عدم الفورية أيضا بدليل على ذلك، نحو: لا تصم يوم النحر؛ فإن النهي عن الصوم لا يكون قبل يوم النحر، فيجوز الصيام إلى حضوره، أو مثل هذا كثير.
Page 70