فأما حقائق الصيغ في النهي فهي: نحو لا تفعل، { ولا تقربوا الزنى } (الإسراء: 32)، لا تشرب الخمر، وإنما كانت هذه الصيغة؛ لأنها موضوعة له، واستعمالها فيما وضعت له حقيقة، وأما الصيغة المجازية: فنحو: نهيتكم عن كذا، { حرمت عليكم أمهاتكم } (النساء: 23)، { حرمت عليكم الميتة } (المائدة: 3)، ونحو ذلك، وإنما كانت هذه الصيغ مجازا في النهي؛ لأنها موضوعة للاختبار، واستعمالها في النهي استعمال لها في غير ما وضعت له، وهذا شأن المجاز، وقد يرد النهي بالإشارة إلى ترك الفعل، وبالإعراض عن الفعل، ونحو ذلك، حاصل ما في المقام أن طلب الكف عن الفعل قد يحصل بصيغته الموضوعة له وبغيرها، وذلك الغير قد يكون لفظا، وقد يكون غير لفظ، ويسمى الكل نهيا، والله أعلم.
ولما فرغ من بيان حقيقة النهي شرع في بيان حكمه، فقال:
$ وحكمه التحريم والدوام والفور كي لا يفعل الحرام
ما لم يكن ثم دليل اقتضى خلاف ما ذكرته فيما مضى
وقال قوم هو للتكريه حقيقة كراهة التنزيه
ووقف البعض عن التعيين بزعمهم لعدم التبيين
وقيل باشتراكه بينهما وأرجح الأقوال ما تقدما
Page 67