"لا تترك فريضة حاضرة لفريضة غائبة"، فإن اشتغل بالأوسع وترك الأضيق توجه إليه في فعله، ذلك ما قيل في التفريع الأول، والله أعلم.
**ذكر النهي**
وهو في اللغة: المنع، وعرفوه في الاصطلاح بتعاريف، منها صحيح ومنها مزيف، واختار المصنف تعريفا موافقا لغرضه، فقال:
$ والنهي أن يطلب كف من سوى خالقنا ولفظ ذا الحد احتوى
فدخلت فيه حقائق الصيغ كذا مجازها ومن نقد فرغ
فنحو لا تفعل حقيقة وما نحو نهيتكم مجاز علما
عرف النهي بأنه طلب كف عن الفعل، وذلك الطلب متوجه إلى غير خالقنا - عز وجل -، فإن طلب الكف من خالقنا - عز وجل - دعاء لا نهي، وذلك نحو: { لا تزغ قلوبنا } (آل عمران: 8)، { لا تؤاخذنا إن نسينا } (البقرة: 286)، ولا يشترط في تسمية النهي نهيا أن يكون الناهي مستعليا على الأصح، كما لا يشترط ذلك في تسمية الأمر أمرا على الأصح أيضا، فلذا أسقطه المصنف، والمراد بالطلب في تعريفه هو: ما يشمل الطلب الجازم غيره، والمراد بالكف: هو الإمساك عن الفعل، وهذا الحد الذي ذكره الناظم أحاط بجميع معاني النهي، ودخلت فيه صيغ النهي حقائقها ومجازها، وسلم من النقود الواردة على سائر الحدود.
Page 66