Sharḥ Ṭalʿat al-Shams ʿalā al-Alfiyya
شرح طلعة الشمس على الألفية
Genres
ورد: بأن وروده لغير التقييد لا يمنع من كونه للتقييد، بل يحمل على عدم التقييد إن قام الدليل على ذلك، وإن لم يقم دليل على ذلك حمل على التقييد، وشرط وجود هذا النوع: أن لا يكون هنالك أمر يقتضي عدم تخصيص الحكم بذلك المذكور.
اعلم أن المقتضي لعدم تخصيص الحكم بذلك المذكور أشياء منها: أن يكون ذلك المذكور جاريا مجرى الأغلب المعتاد، فإن العرب قد تذكر الشيء، ولا تريد به نفس التقييد، وإنما تذكره لكونه الأغلب وجودا من سائر الأحوال، كما في قوله تعالى: { وربائبكم اللاتي في حجوركم } (النساء: 23)، فهذه الصفة جارية على مجرى الأغلب من أحوال الربائب، فإن غالب الربائب يكن في حجورنا، أي: في تربيتنا، فلا يختص تحريم الربيبة بالربائب اللاتي في حجورنا، بل المحرم جميع الربائب عندنا، ومنه قوله تعالى: { فمن اضطر في مخمصة } (المائدة: 3)، فالاضطرار إلى أكل الميتة وما بعدها مبيح لأكلها عندنا، ولو لم يكن في مخمصة، وإنما ذكرت المخمصة هاهنا لأنها هي الحال الغالب من أحوال الضرورة إلى أكل الميتة، فليس في الآيتين مفهوم، وخالف في هذا الشرط إمام الحرمين، حيث قال: "إن المفهوم من مقتضيات اللفظ، فلا تسقطه موافقة الغالب". وأجيب بأن المفهوم فائدة خفية لا تعتبر عند وجود فائدة ظاهرة يمكن حمل المذكور عليها.
- ومنها: أن يكون المذكور إنما ذكر جوابا لمن سأل عن حكم ذلك الشيء بعينه، كما إذا قال السائل: هل في الغنم السائمة زكاة، فيجاب: "في الغنم السائمة زكاة"، فإن ذكر السائمة في هذا الموضع لا مفهوم له لكونه ذكر جوابا فقط.
- ومنها: أن يكون المذكور إنما ذكر لكون السامع جاهلا بحكمه دون حكم المسكوت عنه، فيعلم أن في الغنم السائمة زكاة مثلا، فلا مفهوم للسائمة هاهنا أيضا.
- ومنها: أن يكون المسكوت عنه إنما سكت عنه لخوف من المتكلم أو جهل فيه، وهذان الحالان لا يكونان في الشارع تعالى، فمثال ما سكت عنه لخوف، نحو: أن يقول جديد العهد بالإسلام لعبده: أنفق هذا في المسلمين، وهو يريد المسلمين وغيرهم، لكن سكت عن غيرهم مخالفة أن يتهم بالنفاق، ومثال ما سكت عنه لجهل: كأن يقول المتكلم: في الغنم السائمة زكاة، إذا كان يجهل حكم غير السائمة مثلا، والله أعلم.
ثم إنه أخذ في بيان أقسام مفهوم المخالفة، فقال:
وهو على سبعة أنواع ورد ... مفهوم غاية ومفهوم العدد
والحصر والشرط ومفهوم اللقب ... ووصفه استثناؤه إذ ينتخب
فالشرط والغاية والحصر معا ... أقوى مفاهيم وأجلى موقعا
ينقسم مفهوم المخالفة إلى سبعة أنواع: مفهوم الغاية ومفهوم العدد ومفهوم الحصر ومفهوم الشرط ومفهوم اللقب ومفهوم الوصف ومفهوم الاستثناء، وزاد بعضهم: مفهوم الزمان ومفهوم المكان، وهما على التحقيق داخلان تحت مفهوم الصفة، إذ ليس المراد منها إلا ما يكون وصفا في المعنى، ولذا شملت مفهوم الحال أيضا، من نحو: جاء زيد راكبا، إذ يفهم منه أن لم يجيء ماشيا.
Page 262