133

Sharh Sunna

شرح السنة

Investigator

شعيب الأرنؤوط-محمد زهير الشاويش

Publisher

المكتب الإسلامي - دمشق

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠٣هـ - ١٩٨٣م

Publisher Location

بيروت

نُفِسَتِ الْمَرْأَةُ وَنَفِسَتْ: إِذَا وَلَدَتْ، فَإِذَا حَاضَتْ، قُلْتُ: نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ لَا غَيْرَ. قَوْلُهُ: «مُيَسَّرٌ»، أَيْ: مُهَيَّأٌ وَمَصْرُوفٌ إِلَيْهِ. ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ كَلامًا مَعْنَاهُ، قَالَ: قَوْلُهُمْ: «أَفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ»؟ مُطَالَبَةً مِنْهُمْ بِأَمْرٍ يُوجِبُ تَعْطِيلَ الْعُبُودِيَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ إِخْبَارَ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ سَابِقِ الْكِتَابِ إِخْبَارٌ عَنْ غَيْبِ عِلْمِ اللَّهِ ﷾ فِيهِمْ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، فَرَامَ الْقَوْمُ أَنْ يَتَّخِذُوهُ حُجَّةً لأَنْفُسِهِمْ فِي تَرْكِ الْعَمَلِ، فَأَعْلَمَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ هَهُنَا أَمْرَيْنِ لَا يُبْطِلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ: بَاطِنٌ: هُوَ الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ فِي حُكْمِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَظَاهِرٌ: هُوَ السِّمَةُ اللازِمَةُ فِي حَقِّ الْعُبُودِيَّةِ، وَهُوَ أَمَارَةٌ مُخِيلَةٌ غَيْرُ مُفِيدَةٍ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، إِنَّمَا عُومِلُوا بِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ، وَتَعَبَّدُوا بِهَذَا التَّعَبُّدِ، لِيَتَعَلَّقَ خَوْفُهُمْ بِالْبَاطِنِ الْمُغَيَّبِ عَنْهُمْ، وَرَجَاؤُهُمْ بِالظَّاهِرِ الْبَادِي لَهُمْ، وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ مَدْرَجَتَا الْعُبُودِيَّةِ، لِيَسْتَكْمِلُوا بِذَلِكَ صِفَةَ الإِيمَانِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ كُلا مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، وَأَنَّ عَمَلَهُ فِي الْعَاجِلِ دَلِيلُ مَصِيرِهِ فِي الآجِلِ، وَتَلا قَوْلَهُ ﷾: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ [اللَّيْل: ٥]، ﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى﴾ [اللَّيْل: ٨] وَهَذِهِ الأُمُورُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، وَمِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ عِلْمُ اللَّهِ ﷿ فِيهِمْ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الْأَنْبِيَاء: ٢٣]. وَاطْلُبْ نَظِيرَهُ مِنْ أَمْرَيْنِ: مِنَ الرِّزْقِ الْمَقْسُومِ مَعَ الأَمْرِ بِالْكَسْبِ، وَمِنَ الأَجَلِ الْمَضْرُوبِ فِي الْعُمْرِ مَعَ الْمُعَالَجَةِ بِالطِّبِّ، فَإِنَّكَ تَجِدُ الْمُغَيَّبَ فِيهِمَا عِلَّةً مُوجِبَةً، وَالظَّاهِرَ الْبَادِيَ سَبَبًا مُخِيلا، وَقَدِ اصْطَلَحَ النَّاسُ خَوَاصُّهُمْ وَعَوَامُّهُمْ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ فِيهِمَا لَا يُتْرَكُ بِالْبَاطِنِ، هَذَا مَعْنَى كَلامِ الْخَطَّابِيِّ رَحمَه الله تَعَالَى

1 / 133