Sharh Sunan Ibn Majah - Al-Rajhi
شرح سنن ابن ماجة - الراجحي
Genres
اجتناب الرأي والقياس
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب اجتناب الرأي والقياس.
حدثنا أبو كريب حدثنا عبد الله بن إدريس وعبدة وأبو معاوية وعبد الله بن نمير ومحمد بن بشر، ح وحدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر ومالك بن أنس وحفص بن ميسرة وشعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ قال: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رءوسًا جهالًا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)].
هذا الحديث صحيح، رواه الشيخان البخاري ومسلم، وفيه: الحث على العلم وتعلم العلم والإقبال على العلم قبل موت العلماء، وفيه: إن الله لا يقبض العلم من صدور الرجال، وإنما يقبض العلم بموت العلماء، فيقبض عالمًا بعد عالم بعد عالم حتى لا يبقى إلا الجهال، فإذا بقي الجهال تولوا أمور الناس؛ لأن الأعمال والغايات لابد لها من رجال يتولونها، فيحتاجون إلى من يتولى الإفتاء، ومن يتولى القضاء، ومن يتولى كذا وكذا، فيكون رءوس الناس جهالًا، ويكون المتولون للإفتاء والقضاء جهالًا، فيسألون ولا بد لهم من أن يجيبوا، فيجيبون بغير حق، ويجيبون بالباطل؛ لأنهم ترأسوا ورُئسوا، فيفتون بغير علم، فيضلون في أنفسهم ويضلون غيرهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي الحديث الآخر: (إن من أشراط الساعة: أن يكثر الجهل ويقل العلم).
وفي هذا الحديث: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بموت العلماء) وفي لفظ: (بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالمًا)، وفي لفظ: (حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رءوسًا جهالًا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا).
وهذا فيه الحث على أخذ العلم من العلماء قبل موتهم وقبل قبضهم.
وقوله في الحديث: (فإذا لم يبق عالمًا) يعني: عالمًا شرعيًا يصلح للإفتاء ولأخذ العلم عنه.
والحق قائم الآن في أمور العبادات والديانة، ولكن تبقى مسائل تحتاج إلى إفتاء، فلا يوجد من يفتي بها إلا هؤلاء الرؤساء الذين لا يعلمون.
3 / 11