وتارة قال: "لا تتخذوا قبري وثنا". وتارة قال: "لا تتخذوا قبري عيدا" أي: موسما يجتمعون فيه كما صار يفعله كثير من عباد القبور يجعلون لمن يعتقدون من الأموات أوقاتا معلومة يجتمعون فيها عند قبورهم، ينسكون لها المناسك، ويعكفون عليها، كما يعرف ذلك كل أحد من الناس من أفعال هؤلاء المخذولين، الذين تركوا عبادة الله الذي خلقهم ورزقهم ثم يميتهم ويحييهم وعبدوا عبدا من عباد الله، صار تحت أطباق الثرى، لا يقدر على أن يجلب لنفسه نفعا ولا يدفع عنها ضرا، كم قال رسول الله ﷺ فيما أمره الله أن يقول: ﴿لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا﴾ فانظر كيف قال سيد البشر وصفوة الله من خلقه بأمر ربه أنه لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا وكذلك قال فيما صح عنه: "يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا"
فإذا كان هذا قول رسول الله ﷺ في نفسه وفي أخص قرابته به وأحبهم إليه، فما ظنك بسائر الأموات الذين لم يكونوا أنبياء معصومين ولا رسلا مرسلين؟ بل غاية ما عند أحدهم أنه فرد من أفراد هذه الأمة المحمدية، وواحد من أهل هذه الملة الإسلامية؟ فهو أعجز وأعجز أن ينفع أو يدفع عنها ضررا.
وكيف لا يعجز عن شيء قد عجز عنه رسول الله ﷺ وأخبر به أمته كما أخبر الله عنه، وأمره بأن يقول للناس
1 / 16