Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Publisher
الشركة الشرقية للإعلانات
Publication Year
1390 AH
Genres
Ḥanafī Law
وَزَيْدٌ هَذَا مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ﵇. فَقَدْ كَانَ لِخَدِيجَةَ وَهَبَتْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﵇ فَأَعْتَقَهُ وَتَبَنَّاهُ إلَى أَنْ اُنْتُسِخَ حُكْمُ التَّبَنِّي فَهُوَ مَوْلَاهُ. وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧]- أَيْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ بِالْإِعْتَاقِ - ثُمَّ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﵇ عَلَى ثَمَانِي سَرَايَا، إلَى أَنْ قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ أَنَّهُ خَيْرُ الْأُمَرَاءِ، وَعُيِّنَ لِتَحْقِيقِ صِفَةِ الْخَيْرِيَّةِ هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ، لِأَنَّ أَمِيرَ السَّرِيَّةِ يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا، وَهُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ الْمُعَادَلَةَ فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَهُمْ فِيمَا يَنَالُونَهُ، وَيُنْصِفُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ فِيمَا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ. فَقَدْ فُوِّضَ ذَلِكَ إلَيْهِ. وَبَعْضُ النَّاسِ عَابُوا عَلَى مُحَمَّدٍ ﵀ فِي رِوَايَةِ هَذَا اللَّفْظِ، فَإِنَّ مِنْ حَقِّ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ: «أَقْسَمُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَأَعْدَلُهُمْ بِالرَّعِيَّةِ» . وَلَكِنَّا نَقُولُ: رَوَى مُحَمَّدٌ ﵀ الْخَبَرَ بِهَذَا اللَّفْظِ فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ اسْتِعْمَالِهِ.
٥٢ - قَالَ: وَلَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ سَرِيَّةً أَوْ الِاثْنَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةَ إذَا كَانَ مُحْتَمِلًا لِذَلِكَ، لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵇ بَعَثَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فِي بَعْضِ أَيَّامِ الْخَنْدَقِ سَرِيَّةً وَحْدَهُ. وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ سَرِيَّةً وَحْدَهُ، وَبَعَثَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ سَرِيَّةً وَحْدَهُ، وَبَعَثَ ابْنَ مَسْعُودٍ وَخَبَّابًا سَرِيَّةً» . وَاَلَّذِي رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵇ نَهَى أَنْ تُبْعَثَ سَرِيَّةٌ دُونَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ» تَأْوِيلُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِشْفَاقِ بِالْمُسْلِمِينَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا فِي الدِّينِ.
1 / 69