Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Publisher
الشركة الشرقية للإعلانات
Publication Year
1390 AH
Genres
Hanafi Fiqh
كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ يَقُولُ: أَشْهَدُ لِلَّهِ أَنَّهُ قَالَ ثَلَاثًا. أَشْهَدُ لِلَّهِ، أَيْ بِاَللَّهِ فِيهِ بَيَانُ دَرَجَةِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَمَنَّاهَا لِنَفْسِهِ مَعَ عُلُوِّ دَرَجَتِهِ، وَتَمَنَّى تَكْرَارَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لِيَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ مَا لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الدَّرَجَاتِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ وَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ فَيَتَمَنَّى الرُّجُوعَ إلَى الدُّنْيَا. وَلَهُ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا إلَّا الشَّهِيدَ» فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى الرُّجُوعَ لِيَسْتَشْهِد ثَانِيًا مِنْ عِظَمِ مَا يَنَالُ مِنْ الدَّرَجَةِ.
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ ﵁ قَالَ: «رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُهْتَمًّا فَقَالَ: (٢١ ب) مَا لَكَ؟ فَقُلْت: اُسْتُشْهِدَ أَبِي وَتَرَكَ دَيْنًا وَعِيَالًا. فَقَالَ: أَلَا أُبَشِّرُك يَا جَابِرُ، إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَلَّمَ أَبَاك كِفَاحًا. أَيْ شِفَاهًا فَقَالَ: تَمَنَّ يَا عَبْدَ اللَّهِ. فَقَالَ: أَتَمَنَّى أَنْ أَحْيَا لِأُقَاتِلَ فِي سَبِيلِك ثَانِيًا فَأُقْتَلَ. فَقَالَ: قَدْ سَبَقَ مِنِّي الْقَضَاءُ بِأَنَّهُمْ إلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ. وَلَكِنِّي أُبَلِّغُك الدَّرَجَةَ الَّتِي لِأَجْلِهَا تَتَمَنَّى مَا تَتَمَنَّى» .
٣٠ - وَذَكَرَ عَنْ الْحَسَنِ ﵀ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ جَيْشًا وَفِيهِمْ ابْنُ رَوَاحَةَ. فَغَدَا الْجَيْشُ وَأَقَامَ ابْنُ رَوَاحَةَ لِيَشْهَدَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ رَآهُ فَقَالَ: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ أَلَمْ تَكُنْ فِي الْجَيْشِ؟ قَالَ: بَلَى. وَلَكِنِّي أَحْبَبْت أَنْ
1 / 34