Sharḥ al-Siyar al-Kabīr
شرح السير الكبير
Publisher
الشركة الشرقية للإعلانات
Publication Year
1390 AH
Genres
Ḥanafī Law
هَؤُلَاءِ كَانَ أَكْثَرَ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إلَى رَجُلٍ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ صَاحِبِهِ. وَكَانَ يَدْفِنُ فِي الْقَبْرِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ» .
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِدَفْنِ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. «فَالْأَنْصَارُ يَوْمَئِذٍ أَصَابَهُمْ قَرْحٌ وَجَهْدٌ شَدِيدٌ حَتَّى شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالُوا: إنَّ الْحَفْرَ عَلَيْنَا لِكُلِّ إنْسَانٍ شَدِيدٍ. فَقَالَ: أَعْمِقُوا وَأَوْسِعُوا وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ» .
- وَلَكِنْ يَنْبَغِي عِنْدَ الْحَاجَةِ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ كُلِّ مَيِّتَيْنِ حَاجِزًا مِنْ التُّرَابِ كَيْ يَصِيرَ فِي حُكْمِ قَبْرَيْنِ.
وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا بَأْسَ بِدَفْنِ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَيُقَدَّمُ إلَى جَانِبِ الْقِبْلَةِ أَفْضَلُهُمَا وَهُوَ الرَّجُلُ.
فَإِنْ كَانَا رَجُلَيْنِ تَقَدَّمَ أَفْضَلُهُمَا أَيْضًا عَلَى مَا قَالَ ﵇: «قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ» . فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ كَانَ أَفْضَلُهُمْ يَوْمَئِذٍ. لِأَنَّهُمْ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ بِأَحْكَامِهِ.
- ثُمَّ رُوِيَ حَدِيثُ جَابِرٍ «أَنَّ مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَادَى يَوْمَئِذٍ: ادْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَضَاجِعِهِمْ» وَهَذَا حَسَنٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَإِنَّمَا صَنَعَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَنَّهُ كَرِهَ الْمَشَقَّةَ عَلَيْهِمْ بِالنَّقْلِ مَعَ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ الْقَرْحِ.
1 / 234