Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Publisher
الشركة الشرقية للإعلانات
Genres
بَابُ الْمُبَارَزَةِ ذَكَرَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَخِيهِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ يَتَغَنَّى فَقَالَ: أَتَتَغَنَّى؟ (٣٥ آ) فَقَالَ: أَخْشَى أَنْ أَمُوتَ عَلَى فِرَاشِي وَقَدْ قَتَلْت سَبْعَةً وَسَبْعِينَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِيَدِي سِوَى مَا شَارَكْت فِيهِ الْمُسْلِمِينَ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَغَنَّى إذَا كَانَ وَحْدَهُ لِيَدْفَعَ بِهِ الْوَحْشَةَ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ ﵁ كَانَ مِنْ زُهَّادِ الصَّحَابَةِ ﵃، قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» .
ثُمَّ كَانَ يَتَغَنَّى فِي مَرَضِهِ حِينَ بَقِيَ وَحْدَهُ، وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ مِنْهُ أَنَسٌ، فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ هَذَا تَلَهِّيًا، وَلَكِنْ يَدْفَعُ الْوَسْوَاسَ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَطْمَعُ فِي الشَّهَادَةِ وَخَشِيَ أَنْ يَمُوتَ فِي مَرَضِهِ فَاسْتَوْحَشَ مِنْ ذَلِكَ وَجَعَلَ يَتَغَنَّى. فَعَرَفْنَا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا بَأْسَ بِهِ، إنَّمَا الْمَكْرُوهُ مَا يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ اللَّهْوِ، عَلَى مَا قَالَ ﷺ: «أَنْهَاكُمْ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ:
1 / 100