تعالى: وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ ولا شك انه الفرد الأكمل في هذا المعنى (وما يجب له من توقير) أي ويتضمن بيان ما يجب له من تعظيم واحترام (وإكرام، وما) أي وبيان أي شيء (حكم من لم يوفّ) بالتخفيف ويجوز التشديد أي من يكمل ولم يوفر (واجب عظيم ذلك القدر) الإضافة بيانية أي القدر الواجب من تعظيم ذلك القدر العظيم (أو قصّر) أي أو ما حكم من فرط (في حقّ منصبه) بفتح الميم وكسر الصاد أي مقامه (الجليل) بالجيم وهو الشريف المنيف (قلامة ظفر) بضم فسكون اختير للسجع وإلا فبضمتين هو الأفصح ويجوز بكسر الظاء وسكون الفاء أيضا وقد قرىء بهن في الآية لكن السكون مطلقا شاذ والقلامة بالضم ما يسقط من الظفر وهو كناية عن الشيء الحقير والأمر اليسير (وأن أجمع لك ما لأسلافنا) أي لعلمائنا المتقدمين (وأئمّتنا) أي لمشايخنا المتأخرين (في ذلك من مقال) أي فيما ذكر من وجوب تعظيم قدره والحكم فيمن صدر عنه بخلافه من الأقوال (وأبيّنه) أي المقال (بتنزيل صور، وأمثال) أي بتصوير صور وأمثال وتقرير محامل يزول به الاشكال إيضاحا للمعنى وإيصالا إلى الذهن في المبنى (فاعلم) أي ايقن وتنبه أيها المخاطب (أكرمك الله تعالى) أي كما قصدت إكرام النبي المكرم (أنّك حمّلتني) بتشديد الميم أي كلفتني بالحمل (من ذلك) أي الأمر الذي سألتني (أمرا، إمرا) بفتح الهمزة في الأول وكسرها في الثاني أي أمرا شاقا أو شيئا عظيما. وأما قوله تعالى: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا أي عجبا أو منكرا (وأرهقتني) أي أوقعتني (فيما ندبتني) أي دعوتني (إليه عسرا) بضم فسكون وقد يضم أي أمرا عسيرا لا أقدر عليه من التحفظ عن السهو اليسير كما قيل في قوله تعالى حكاية عن موسى ﵇ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (وأرقيتني) أي أصعدتني وأطلعتني من الترقي بمعنى الصعود وهو يائي. وفي القاموس رقى إليه كرضى رقيا صعد كارتقى وترقى أو مهموز حيث قال رقا في الدرجة صعد لكن النسخ المصححة بالمركز تؤيد الأول فتأمل، والحاصل انهما لغتان والأول هو الأشهر في البيان، وأما قول التلمساني بهمزة ويسهل والهمزة أفصح، وقيل: التسهيل فيتوهم منه أن الأصل هو الهمزة وهو غير صحيح لأن التسهيل بمعنى الابدال غير مطابق لقواعد الاعلال فإنه إنما يكون على طبق ما قبله من الحركة كما لا يخفى على أرباب الكمال والله تعالى أعلم بالحال (بما كلّفتني مرتقى) بضم الميم مصدرا أي ارتقاء (صعبا) أي شديدا وليس كما توهم التلمساني بقوله وكان المعنى أرقيتني فارتقيت مرتقى صعبا أي محلا عسيرا حيث جعل المرتقى اسم مكان فاحتاج إلى تقدير فارتقيت والله تعالى أعلم (ملأ قلبي رعبا) بضم فسكون وقد يضم أي خوفا وفزعا ووقع في أصل التلمساني خوفا ورعبا، فقال معناهما واحد لكنه مخالف لسائر الأصول من النسخ المصححة، ثم الضمير في ملأ راجع إلى ما أو المرتقى، والثاني أقرب لكن يؤيد الأول قوله (فإنّ الكلام في ذلك) أي المكلف (يستدعي تقدير أصول) أي تمهيد قواعد مقررة (وتحرير فصول) أي تشييد فروع محررة مما يجب له صلى الله تعالى
1 / 20