الدنيوية والأخروية عليهم ودفع المضار المانعة عنهم وجلب المنافع اليهم ثم التقوى هو التوقي عن مخالفة المولى (الّذين، شرّفهم) أي الله تعالى كما في نسخة (الله بنزل قدسه) بضمتين ويسكن الثاني فيهما إلا أن السكون في الثاني أقل وفي الأول أكثر ثم النزل ما يهيأ للضيف من الكرامة لأنسه، وقيل: النزل المنزل وبه فسر قوله تعالى: جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا، وقد جزم المحشي بأنه مراد المصنف هنا والظاهر أنه لا منع من الجمع كما أشار إليه صاحب القاموس النزل بضمتين المنزل وما هيىء للضيف أن ينزل عليه كالنزل، والمعنى بالنزل الحال المقدس عن الدنس، وفي نسخة بنور قدسه وهو أظهر معنى، لأن المراد به وبما بعده مقامات العارفين في الدنيا، وان كانت سبب درجات في العقبى فلا يلائم تفسير نزل قدسه بالجنة لنزاهتها عن الكدورات الدنيوية كما اختاره الدلجي، ثم قال: ويجوز أن يريد به ما يهيأ لهم من الطعام إذا دخلوها الوارد به نزل أهل الجنة زيادة كبد الحوت، وأما ما هو في وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلًا
فحال من ضمير تدعون تلويحا بأن ما يتمنونه بدعائهم بالنسبة إلى عطائهم مما لا يخطر ببالهم كالنزل للضيف (وأوحشهم) من الوحشة ضد الأنسية.
يقال: أوحشه فاستوحش أي جعلهم ذوي وحشة (من الخليقة) وفي نسخة من بين الخليقة (بأنسه) لأن الاستئناس بالناس من علامة الإفلاس، ولا يمكن دفع العوائق إلا بقطع العلائق، فالمعنى أبعدهم الله تعالى عن الخليقة وقرّبهم منه على مراعاة الشريعة والطريقة والحقيقة فيكونون كائنين بائنين قريبين غريبين عرشيين فرشيين مع الخلق في الصورة ومع الحق في السريرة كما هو دأب الأنبياء وعادة الأولياء به آنسون ومن غيره آيسون (وخصّهم من معرفته) أي جعلهم أهل الخصوص من أجل معرفته، وفي نسخة بمعرفته أي جعلهم مخصوصين بها بحيث لا يلتفتون إلى معرفة غيره أصلا (ومشاهدة عجائب ملكوته) فعلوت من الملك بزيادة الواو والتاء للمبالغة وفرق بين الملك والملكوت إذا اجتمعا بأن يخص الأول بظاهر الملك والثاني بباطنه أو الأول بالعالم السفلي والآخر بالعالم العلوي، قال الله تَعَالَى: وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. وقال ﷿: فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ومعنى المشاهدة المعاينة، وأغرب التلمساني حيث فسرها بالحضور مع قوله مصدر شاهد بمعنى رأى ثم العجائب جمع عجيب وهو ما يتعجب فيه من الأمر الغريب (وآثار قدرته) أي من مطالعة مصنوعاته (بما ملأ قلوبهم حبرة) بفتح المهملة وسكون الموحدة أي مسرة من الحبور وهو السرور، وقيل معناها النعم والكرامة ومنه قوله تعالى: فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ أي ينعمون ويسرون ويكرمون، ثم الجار متعلق بخص أو بالمشاهدة، وما مصدرية أو موصولة وقلوبهم مفعول به وحبرة مفعول ثان كقوله صلى الله تعالى عليه وسلم في حق الكفار يوم الأحزاب ملأ الله قبورهم نارا أو منصوب بنزع الخافض وإيصال الفعل كقوله تعالى: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ. وقيل: منصوب على التمييز. وأما ما ذكره التلمساني من أنه يقال بفتح الباء الموحدة وتسكينها فوهم لأن الفتح إنما جاء بدون التاء على
1 / 17