149

Sharḥ Ṣaḥīḥ Ibn Khuzayma - al-Rājḥī

شرح صحيح ابن خزيمة - الراجحي

Genres

ذكر الدليل على أن الأمر بالسواك أمر فضيلة لا أمر فريضة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب ذكر الدليل على أن الأمر بالسواك أمر فضيلة لا أمر فريضة إذ لو كان السواك فرضًا أمر النبي ﷺ أمته شق ذلك عليهم أو لم يشق].
يعني: يشير إلى الحديث: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، يعني: أمرتهم أمر إيجاب؛ لأنه أمرهم أمر استحباب، لكن الذي نفاه هو أمر الإيجاب: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)، يعني: أمر إيجاب؛ لأن أمر الاستحباب هذا جاء في أحاديث.
قال: [وقد أعلم ﷺ أنه كان يأمر به أمته عند كل صلاة، لولا أن ذلك يشق عليهم، فدل هذا القول منه ﷺ أن أمره بالسواك أمر فضيلة، وأنه إنما أمر به من يخف ذلك عليه دون من يشق ذلك عليه.
قال: أخبرنا علي بن خشرم، أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزناد - وهو عبد الله بن ذكوان - عن الأعرج عن أبي هريرة ﵁ يبلغ به النبي ﷺ، وحدثنا عبد الجبار بن العلاء وسعيد بن عبد الرحمن قالا: حدثنا سفيان - وهو ابن عيينة - بهذا الإسناد قال: قال رسول الله ﷺ: (لولا أن يشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء، والسواك عند كل صلاة)، لم يؤكد المخزومي تأخير العشاء].
قال في تخريجه: [أخرجه أبو داود وأحمد ومسلم].
قوله: (تأخير العشاء) هذه ليست معروفة في الأحاديث، إنما جاء في الصحيح أن النبي ﷺ لما تأخر في صلاة العشاء وناداه عمر نام النساء والصبيان خرج يقطر رأسه ماء قال: (إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي) هذا المعروف في الحديث، يعني: لوقتها الأفضل؛ ولهذا قال العلماء: وتأخير العشاء إلى ثلث الليل أفضل من تقديمها، أما هذا الحديث فيه تأخير السواك والعشاء، لم يؤكد المخزومي ذلك، وهو راوي السند.
قال: [أخبرنا علي بن معبد، أخبرنا روح بن عبادة، أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء).
قال أبو بكر: هذا الخبر في الموطأ عن أبي هريرة: لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك عند كل وضوء، ورواه الشافعي وبشر بن عمر كراوية روح].
قال في تخريجه: [قال مالك في الموطأ: إسناده صحيح وهو مخرج في الإرواء].
والحديث ثابت، والمقصود: أن السواك مستحب، وفيه فوائد عظيمة، حتى إن بعض العلماء ذكر له أكثر من مائة فائدة، ومنها: أنه يذكر الشهادة عند الموت، ويطهر الفم، ويرضي الرب، وهو متأكد في أحوال: عند الصلاة، وعند الوضوء، وعند دخول البيت، وعند تغير الفم.

8 / 19