Sharḥ Ṣaḥīḥ al-Bukhārī - Usāma Sulaymān
شرح صحيح البخاري - أسامة سليمان
Genres
يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فلا زلنا مع صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى، والباب الثاني والثلاثين، قال رحمه الله تعالى: [باب: قول النبي ﷺ: (يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه).
إذا كان النوح من سنته].
يُعد هذا الباب من الأهمية بمكان، إذ إن الإمام البخاري ﵀ قد يورد في الباب الواحد أكثر من حديث، كأن يورد سبعة أحاديث في الباب الواحد.
فأما حديث الباب: (الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه)، فقد ردته السيدة عائشة ﵂، وقالت: إن الله قال: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام:١٦٤]، فكيف يعذب الميت ببكاء أهله وهو لم يفعل أو يقترف شيئًا؟! فأراد البخاري رحمه الله تعالى أن يبين أن الميت يعذب ببكاء أهله إذا كان هذا من سنته، يعني: أنه كان في حياته يوافق على هذا الفعل وما نهى عنه قبل موته، ولذلك فإن هناك أقوالًا للعلماء تقرب من سبعة أقوال في فهم هذا الحديث: فمنهم من قال: (الميت يعذب ببكاء أهله)، أي: يتألم كما يتألم النائم حينما ترفع صوتك بجواره.
ومنهم من قال: إن المراد بالحديث: أنه بمجرد أن يفارق الدنيا يدخل في المرحلة البرزخية.
وسأذكر الأحاديث جملة ثم أبدأ في شرحها إن شاء الله تعالى.
قال البخاري ﵀: [(يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه).
إذا كان النوح من سنته.
لقول الله تعالى: ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم:٦].
وقال النبي ﷺ: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).
]، أي: أن الراعي سيسأل عن رعيته وعما تفعل.
ثم قال رحمه الله تعالى: [فإذا لم يكن من سنته، فهو كما قالت عائشة ﵂: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام:١٦٤].
وهو كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ﴾ [فاطر:١٨].
8 / 2