في ليلة أخرى وهكذا. وهذا قول مالك، وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وغيرهم. وعزاه ابن عبد البر في الاستذكار للشافعي، ولا نعرفه عنه ولكن قال به من أصحابه: المزني وابن خزيمة. وهو المختار عند النووي وغيره للجمع يبن الأحاديث الواردة في ذلك، فإنها اختلفت اختلافا لا يمكن معه الجمع بينهما إلا بما ذكرناه وبه يصير في المسألة خمسة وعشرون قولا.
وذهب ابن حزم الظاهري إلى انحصارها في أوتار العشر الأخير، لكن أول العشرين ليلة العشرين إن كان ناقصا، وليلة الحادي والعشرين إن كان تاما، فهي مترددة بين ليلة الحادي والعشرين وما بعدها من الأوتار إن تم الشهر، وبين ليلة العشرين وما بعدها من الأشفاع إن نقص الشهر، وهذا قول سادس وعشرون.
واعلم أن ليلة القدر موجودة ويريها الله تعالى لمن شاء من بني آدم بحيث يتحققها. وأخبار الصالحين برؤيتهم لها كثيرة ولا يلتفت إلى قول المهلثة أي: صغيرة لا يمكن رؤيتها حقيقة فإنه غلط فاحش، كما قاله النووي رحمه الله.
وقال بعض العلماء: أخفى الله هذه الليلة عن عباده كيلا يتكلوا على فضلها ويقصروا في غيرها، فأراد منهم الجد في العمل أبدا. فإنهم لذلك خلقوا، كما قال الله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}. وبهذا يصير في المسألة سبعة وعشرون قولا.
Page 42