ولأن أخبارنا حكاية مشاهدة وحضور للفعل من أوله إلى آخره، ومفسره لهيئته وصفته، وأخبارهم مجملة على ما رووه.
فأما قوله ﷺ: "فإذا رأيتم ذلك؛ فافزعوا إلى الصلاة"، فلو [تركناه] وظاهره لاقتضى ذلك أن يصلى لها كسائر صلوات النفل، ولكن قام الدليل- وهو ما ذكرناه من الأخبار- على أن لنا من التعلق بهذا الخبر مثل ما لهم بل نحن أولى به، وذلك أنه قد روى في أخبارنا أنه قال هذا القول بعد فراغه من الصلاة التي وصفناها؛ فعلم أنه أشار بذلك إليها؛ لأنه أقرب معهود فكان حرف اللفظ إليها أولى. وإذا صح هذا بطل ما قالوه.
وقياسهم على سائر الصلوات باطل؛ لأنه يدفع السنة، ولأن الصلاة مختلفة في الهيئة والأفعال بزيادة ونقصان، ألا ترى أن صلاة العيدين تخالف سائر الصلوات بزيادة التكبير، وصلاة الكسوف أيضا تخالف بنية سائر الصلوات، سيما على أهلهم في المشي فيها؛ فلم يمتنع أن تخالف صلاة الكسوف أيضا سائر الصلوات فتختص بهذا المعنى.
ولا معنى لتقسيمهم كونها نافلة أو واجبة؛ لأن كونها نافلة لا يؤثر في مخالفة هيئتها لهيئة سائر الصلوات كصلاة العيدين، وكونها واجبة لا يمنع أيضا من ذلك كصلاة الخوف.
وقوله: إن الاختلاف إنما هو في عدد الركعات دون عدد الأركان غير صحيح؛ لأن الاختلاف في الأعداد هو اختلاف في الأركان لا محالة؛ بدلالة أنها تزيد بزيادة الأعداد وتنقص بنقصانها، والله أعلم.
1 / 59