واعتبارهم بالفطر لا معنى له؛ لأنه يكون به مؤديا لفرضه في وقته، وإنما أسقط عنه الفرض.
وليس كذلك الفطر؛ لأنه لم يزل به فرض الصوم عن الذمة، وإنما أرخص له في تأخيرهن والله أعلم.
ويدل على ما قلنا أيضا: ما رواه أبو داود حدثنا مؤمل بن الفضل حدثنا الوليد حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: حدثنا إسماعيل بن عبيد الله قال: حدثتنا أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: خرجنا مع رسول [ق/٥٦] الله ﷺ في بعض غزواته في حر شديد حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه أو كفه على رأسه من شدة الحر، ما فينا صائم إلا رسول الله ﷺ وعبد الله بن رواحة.
فهذا يدل على فضيلة الصوم على الفطر؛ لأنه لولا ذلك لم يتكلف هذه المشقة العظيمة في شيء غيره مما هو أيسر منه وأخف وأقرب وأفضل منه وأكثر ثوابا؛ فبان بذلك فضل الصوم على الفطر في السفر.
ويدل على ذلك أيضا: ما رواه أبو داود عن عقبة بن مكرم الغمي عن أبي قتيبة عن عبد الصمد بن حبيب بن عبد الله الأزدي عن حبيب بن عبد الله قال: سمعت سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي يحدث عن أبيه قال قال رسول الله ﷺ: "من كانت له حمولة تأوى إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه".