Sharh Risala Nasiha
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
Genres
فمذهبنا أن هذا القرآن الموجود بيننا -حجة لنا على من خالفنا، وحجة لأنفسنا على أنفسنا- هو كلام الله -تعالى- ووحيه وتنزيله، وأن محمدا -صلى الله عليه وآله وسلم- جاء به من عند ربه ولم يقله من تلقاء نفسه، وسيأتي الدليل على هذا المذهب بعد تبيين معاني ألفاظ القافية إنشاء الله تعالى.
قوله: (جاء به): يريد؛ وصل إلينا، والمجيء نقيض الذهاب.
و(الكتاب المنزل): هو القرآن، والله -سبحانه- أنزله ليهدينا به كما قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}[البقرة:185].
قوله: (شاهده البر النبي المرسل): يريد دليله؛ لا فرق بين الشاهد والدليل، والحجة والبرهان، والآية في أصل اللغة معناها واحد، فهو يريد أن الدليل على أن هذا القرآن كلام الله -تعالى- أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أخبر بذلك، وهو لا يخبر إلا بالصدق على ما يأتي بيانه.
قوله: (موصل متلوه مفصل): يقول: إن من الذكر الحكيم زاده الله شرفا ما يجب توصيله في الحكم والتلاوة كقرآن الصلاة مثلا، ومنه ما يجوز تفصيله فيهما جميعا أو في أحدهما، ولا وجه لإنهاء القول فيه.
قوله: (فيه الهدى مبين ومجمل): (فالمبين): هو ما فهم من ظاهر لفظه مراد الله -سبحانه وتعالى- فيه، من دون اعتبار غيره من قول أو فعل وما يقوم مقامهما.
(والمجمل): هو مالا يعلم المراد به إلا باعتبار غيره من قول أو فعل أو ما يقوم مقامهما، وموضع تفصيل ذلك أصول الفقه ذكر الواجب عليه فيه، وقد ذكرنا في (كتاب صفوة الإختيار([28])) ما يغني كل طالب، ويشفي كل راغب بحمد الله -تعالى-.
Page 180