وبعد، فإن المكتبة العربية تزخر بكنوز ثمينة من هذا التراث الفكري، العربي والاسلامي في مختلف العلوم، وعلى تعاقب العصور، وقد هيأ الله تعالى لكثير من هذا التراث أن يرى النور، فينتفع به الباحثون والدارسون، وطلاب المعرفة، بفضل ما بذله ويبذله الباحثون وما تقوم به الهيئات العلمية " الرسمية وغير الرسمية "، من نشر لهذه الكنوز، وتجليتها للناس وإبرازها في صورة مشرقة، تجمع إلى التحقيق العلمي الدقيق، جمال الطبع وحسن الاخراج، وفي مكتبة النحو، من هذا التراث، كتاب جليل القدر عظيم الفائدة يعرف قيمته كل مشتغل بهذا العلم، بما اشتمل عليه من تحقيق لمسائله واستيعاب لاهم قواعده، حتى أصبح في مقدمة المراجع لهذا العلم، وهو كتاب: " شرح الرضى على كافية ابن الحاجب "، الذي تجلى فيه جهد اثنين من أبرز العلماء وأشهرهم، عاشا معا في القرن السابع الهجري وسبق أحدهما الاخر بما يقل عن نصف قرن من الزمان، أما أحدهما، وهو أسبقهما، فهو الامام العالم الحجة: أبو عمر: عثمان بن عمر الكردي المعروف بابن الحاجب، المتوفى سنة 646 ه ، وهو من أصل كردي، نشأ بمصر لان أباه كان حاجبا لاحد أمرائها فاشتهر بابن الحاجب، وقد نبغ في كثير من العلوم العربية والاسلامية ومنها علم النحو، فألف فيه
رسالة موجزة، اشتهرت باسم " الكافية "، وهي على اختصارها وشدة وجازتها، جمعت أهم مسائل النحو، وحوت جل مقاصده، وقد تسابق العلماء من بعد ابن الحاجب، إلى شرح هذه الرسالة وتوضيح مجملها ومن شروحها شرح لمؤلفها نفسه، وقد نقل عنه كثير ممن ألفوا في النحو بعد ذلك.
Page 6