Sharḥ Nahj al-Balāgha
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
بيروت
يا أهل الكوفة ؛ إن الفتنة تلقح بالنجوى ، وتنتج بالشكوى ، وتحصد بالسيف ؛ أما والله إن أبغضتموني لا تضروني ؛ وإن أحببتموني لا تنفعوني ! وما أنا بالمستوحش لعداوتكم ، ولا المستريح إلى مودتكم ؛ زعمتم أني ساحر وقد قال الله تعالى : ' ولا يفلح الساحر ' ، وقد أفلحت . وزعمتم أني أعلم الاسم الأكبر ؛ فلم تقاتلون من يعلم ما لا تعلمون ! ثم التفت إلى أهل الشام فقال : لأزواجكم أطيب من المسك ، ولأبناؤكم آنس بالقلب من الولد ؛ وما أنتم إلا كما قال أخو ذبيان :
إذا حاولت في أسد فجورا . . . فإني لست منك ولست مني
هم درعي التي استلأمت فيها . . . إلى يوم النسار وهم مجني
ثم قال : بل أنتم يا أهل الشام ؛ كما قال الله سبحانه : ' ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ، إنهم لهم المنصورون ، وإن جندنا لهم الغالبون ' .
وخطب مرة بعد موت ابنه وقال : بلغني أنكم تقولون : يموت الحجاج ، ومات الحجاج ! فمه ! وما كان ماذا ! والله ما أرجو الخير كله إلا بعد الموت ! وما رضي الله البقاء إلا لأهون المخلوقين عليه إبليس ؛ ' قال أنظرني إلى يوم يبعثون ، قال إنك لمن المنظرين ' . ثم قال : يا أهل العراق ؛ أتيتكم وأنا ذو لمة وافرة أرفل فيها ؛ فما زال بي شقاقكم وعصيانكم حتى حص شعري . ثم كشف رأسه وهو أصلع ، وقال :
من يك ذا لمة يكشفها . . . فإنني غير ضائري زعري
لا يمنع المرء أن يسود وأنيضرب بالسيف قلة الشعر فأما قوله عليه السلام : ' اللهم أبدلني بهم خيرا منهم ، وأبدلهم بي شرا مني ' ، ولا خير فيهم ولا شر فيه عليه السلام ، فإن أفعل ههنا بمنزلته في قوله تعالى : ' أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة ' ، وبمنزلته في قوله : ' قل أذلك خير أم جنة الخلد ' .
ويحتمل أن يكون الذي تمناه عليه السلام من إبدالهم بهم خيرا منهم قوما صالحين ينصرونه ويوفقون لطاعته .
ويحتمل أن يريد بذلك ما بعد الموت من مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال القطب الراوندي : بنو فراس بن غنم هم الروم . وليس بجيد ، والصحيح ما ذكرناه .
Page 207