178

Sharḥ Nahj al-Balāgha

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

بيروت

والإيهان : مصدر أوهنته ، أي أضعفته ، ويجوز وهنته ، بحذف الهمزة . ونهجه : أوضحه وجعله نهجا ، أي طريقا بينا . وعصبه بكم : ناطه بكم وجعله كالعصابة التي تشد بها الرأس . والفلج : الفوز والظفر .

وقوله : وخابط الغي ، كأنه جعله والغي متخابطين ، يخبط أحدهما في الأخر ؛ وذلك أشد مبالغة من أن تقول : خبط في الغي ، لأن من يخبط ويخبطه غيره يكون أشد اضطرابا ممن يخبط ولا يخبطه غيره . وقوله : وفروا إلى الله من الله ، أي اهربوا إلى رحمة الله من عذابه . وقد نظر الفرزدق إلى هذا فقال :

إليك فررت منك ومن زياد . . . ولم أحسب دمي لكم حلالا

ومن خطبة له وقد تواترت عليه الأخبار

باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد ، وقدم عليه عاملاه على اليمن ، وهما عبيد الله بن عباس وسعيد بن نمران ، لما غلب عليهما بسر بن أرطأة ، فقام عليه السلام على المنبر ضجرا بتثاقل أصحابه عن الجهاد ، ومخالفتهم له في الرأي ؛ فقال :

الأصل : ما هي إلا الكوفة أقبضها وأبسطها ، إن لم يكن إلا أنت تهب أعاصيرك فقبحك الله ! وتمثل بقول الشاعر :

لعمر أبيك الخير يا عمرو إنني . . . على وضر من ذا الإناء قليل

ثم قال عليه السلام : أنبئت بسرا قد اطلع اليمن ، وإني والله لأظن أن هؤلاء القوم سيدالون منكم باجتماعهم على باطلهم ، وتفرقكم عن حقكم ، وبمعصيتكم إمامكم في الحق ، وطاعتهم إمامهم في الباطل ، وبأدائهم الأمانة إلى صاحبهم وخيانتكم ، وبصلاحهم في بلادهم وفسادكم ، فلو ائتمنت أحدكم على قعب لخشيت أن يذهب بعلاقته .

اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وسئمتهم وسئموني ، فأبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي شرا مني ! اللهم مث قلوبهم كما يماث الملح في الماء . أما والله لوددت أن لي بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم :

هنالك لو دعوت أتاك منهم . . . فوارس مثل أرمية الحميم

ثم نزل عليه السلام من المنبر .

Page 198