Sharh Nahj Balagha
شرح نهج البلاغة
Investigator
محمد عبد الكريم النمري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
بيروت
قال شيخنا أبو عثمان رحمه الله تعالى : وقال أبو عبيدة : وزاد فيها في رواية جعفر بن محمد عليه السلام عن آبائه عليه السلام : ألا إن أبرار عترتي ، وأطايب أرومتي ، أحلم الناس صغارا ، وأعلم الناس كبارا . ألا وإنا أهل بيت من علم الله علمنا ، وبحكم الله حكمنا ، ومن قول صادق سمعنا ، فإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا ، وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا . ومعنا راية الحق ؛ ومن تبعها لحق ، ومن تأخر عنها غرق . ألا وبنا يدرك ترة كل مؤمن ، وبنا تخلع ربقة الذل عن أعناقكم وبنا فتح لا بكم ، وبنا يختم لا بكم .
قوله : لا يرعين أي لا يبقين ، أرعيت عليه ، إي أبقيت ؛ يقول : من أبقى على الناس فإنما أبقى على نفسه . والهوادة : الرفق والصلح ، وأصله اللين . والتهويد : المشي ، رويدا ، وفي الحديث : أسرعوا المشي في الجنازة ولا تهودوا كما تهود أهل الكتاب ، وآزرت زيدا : أعنته . الترة : الوتر . والربقة : الحبل يجعل في عنق الشاة . وردي : هلك ، من الردى ، كقولك : عمي من العمى ، وشجي من الشجى .
وقوله : شغل من الجنة والنار أمامه ؛ يريد به أن من كانت هاتان الداران أمامه لفي شغل عن أمور الدنيا إن كان رشيدا .
وقوله : ساع مجتهد إلى قوله : لا سادس ، كلام تقديره : المكلفون على خمسة أقسام : ساع مجتهد ، وطالب راج ، ومقصر هالك . ثم قال : ثلاثة ، أي فهؤلاء ثلاثة أقسام ، وهذا ينظر إلى قوله سبحانه : ' ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ' ، ثم ذكر القسمين : الرابع والخامس ، فقال : هما ملك طار بجناحيه ، ونبي أخذ الله بيده ؛ يريد عصمة هذين النوعين من القبيح ، ثم قال : لا سادس ، أي لم يبق في المكلفين قسم سادس . وهذا يقتضي أن العصمة ليست إلا للأنبياء والملائكة ، ولو كان الإمام يجب أن يكون معصوما لكان قسما سادسا ، فإذن قد شهد هذا الكلام بصحة ما تقوله المعتزلة في نفي اشتراط العصمة في الإمامة ، اللهم إلا أن يجعل الإمام المعصوم داخلا في القسم الأول ، وهو الساعي المجتهد . وفيه بعد وضعف .
وقوله : هلك من ادعى وردي من اقتحم ، يريد هلك من ادعى وكذب ، لا بد من تقدير ذلك ، لأن الدعوى تعم الصدق والكذب ، وكأنه يقول : هلك من ادعى الإمامة ، وردي من اقتحمها وولجها عن غير استحقاق ؛ لأن كلامه عليه السلام في هذه الخطبة ، كله كنايات عن الإمامة لا عن غيرها .
وقوله : اليمين والشمال ، مثال لأن السالك الطريق المنهج اللاحب ناج ، والعادل عنها يمينا وشمالا معرض للخطر .
Page 168