Sharh Nahj Balagha
شرح نهج البلاغة
Investigator
محمد عبد الكريم النمري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
بيروت
وقوله عليه السلام : ومع هذين الأمرين الفشل ، معنى حسن ، لأن الغالب من الجبناء كثرة الضوضاء والجلبة يوم الحرب ، كما أن الغالب من الشجعان الصمت والسكون . وسمع أبو طاهر الجنابي ضوضاء عسكر المقتدر بالله ودبادبهم وبوقاتهم ، وهو في ألف وخمسمائة ، وعسكر المقتدر في عشرين ألفا ، مقدمهم يوسف بن أبي الساج ، فقال لبعض أصحابه : ما هذا الزجل ؟ قال : فشل ، قال : أجل .
ويقال : إنه ما رئي جيش كجيش أبي طاهر ، ما كان يسمع لهم صوت ، حتى إن الخيل لم تكن لها حمحمة ، فرشق عسكر ابن أبي الساج القرامطة بالسهام المسمومة ، فجرح منهم أكثر من خمسمائة إنسان .
وكان أبو طاهر في عمارية له ، فنزل وركب فرسا ، وحمل بنفسه ومعه أصحابه حملة على عسكر ابن أبي الساج ، فكسروه وفلوه وخلصوا إلى يوسف فأسروه ، وتقطع عسكره بعد أن أتى بالقتل على كثير منهم ، وكان ذلك في سنة خمس عشرة وثلاثمائة ، ومن أمثالهم : الصدق ينبئ عنك لا الوعيد .
ومن خطبة له يوعد قوما
الأصل : ألا وإن الشيطان قد جمع حزبه ، واستجلب خيله ورجله ، وإن معي لبصيرتي ؛ ما لبست على نفسي ، ولا لبس علي . وايم الله لأفرطن لهم حوضا أنا ماتحه ، لا يصدرون عنه ، ولا يعودون إليه .
الشرح : يمكن أن يعني بالشيطان الشيطان الحقيقي ، ويمكن أن يعني معاوية ، فإن عنى معاوية ، فقوله : قد جمع حزبه واستجلب خيله ورجله ، كلام جار على حقائقه ، وإن عنى به الشيطان ، كان ذلك من باب الاستعارة ؛ ومأخوذا من قوله تعالى : ' واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك ' ، والرجل : جمع راجل ، كالشرب : جمع شارب ، والركب : جمع راكب .
قوله : وإن معي لبصيرتي ، يريد أن البصيرة التي كانت معي في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تتغير .
وقوله : ما لبست تقسيم جيد ، لأن كل ضال عن الهداية ، فإما أن يضل من تلقاء نفسه ، أو بإضلال غيره له .
Page 147