Sharḥ Musnad al-Dāramī
شرح مسند الدارمي
Publisher
بدون
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢١ م
Genres
من أبواب البر، وكان من علامات نبوة محمد أنه يقبل الهدية، ويرد الصدقة، فكان سلمان الفارسي يعلم ذلك من أهل الكتاب فكان من موقفه مع رسول الله ﷺ حينما قدم رسول الله مهاجرًا أن قال: الآن سأعرف، وكان يعمل في بستان رجل يهودي، فجاء برطب وقال: يا محمد، هذه صدقة مني عليك، قال: إني لا آكل الصدقة، وقدمها لمن معه، فقال سلمان: هذه واحدة، ثم رجع من الغد وقال: يا محمد! هذا هدية مني إليك، فأخذها وأكل، فقال: هذه ثانية، ثم لما أراد أن يذهب ناداه رسول الله ﷺ وقال: تعال انظر إلى الثالثة، وكشف له ما بين كتفيه، فنظر إلى خاتم النبوة فقبله سلمان، وأعلن إسلامه ﵁، وقال: أشهد أنك رسول الله.
فإن الله أعلم رسوله بأن سلمان يعلم من علامات النبوة ثلاثًا: لا يأكل الصدقة، ويقبل الهدية، وبين كتفيه خاتم النبوة، فلما رأى سلمان الأولى والثانية أخبره رسول الله بالثالثة قبل أن يتكلم بها سلمان، وما حدث من اليهودية، مفاده أنها تؤمن بعصمة الأنبياء، فأقدمت على تسميم الشاة، فكشف الله ﷿ أمرها، وحما رسوله من شرها، وقد قيل في قصتها: لما فتح رسول الله ﷺ خيبر واطمأن جعلت زينب بنت الحارث أخي مرحب، وهي امرأة سلام بن مشكم تسأل: أي الشاة أحب إلى محمد؟ فيقولون: الذراع، فعمدت إلى عنز لها فذبحتها وشوتها، ثم عمدت إلى سم لا يُطْني (^١)، وقد شاورت يهود في سموم، فأجمعوا لها على هذا السم بعينه، فسمت الشاة وأكثرت في الذراعين والكتف، فلما غابت الشمس وصلى رسول الله ﷺ المغرب بالناس انصرف
(^١) أي: لم يكن من الذي تعافه النفس لعدم طهور طعمه أو رائحته.
1 / 152