Sharḥ Muqaddimat al-Tashīl li-ʿUlūm al-Tanzīl li-Ibn Juzayy
شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي
Publisher
دار ابن الجوزي
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣١ هـ
Genres
بعد إظهار الدعوة؛ لأنها تتكلم عن الرجل الذي ينهى (أبو جهل) عبدًا إذا صلى (محمد ﷺ، وهذا كان بعد فترة طويلة، فجعلت هذه الآيات مع أول الآيات التي نزلت، فالرسول ﷺ كان يضم الآيات إلى الآيات في السورة.
الخلاف في أول ما نزل:
الصحيح أن أول ما نزل هو صدر سورة العلق.
وقيل: أول ما نزل: المدثر، وهو مذهب الصحابي جابر بن عبد الله.
وقيل: فاتحة الكتاب، وهذا قول ضعيف جدًا؛ لكنه يذكر في كتب علوم القرآن.
لكن الذي وقع فيه الخلاف صدر سورة العلق وصدر سورة المدثر، ولولا أثر جابر ﵁ لما حُكِيَ الخلاف، وهذا الأثر فيه إشكال كبير، فإن جابرًا سئل عن أول ما نزل؟ فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ [المدثر: ١] فالسؤال عن الأولية مطلقًا، وبعض العلماء يخرِّجه على أولية مخصوصة، ويقول: إن جابرًا ﵁ أراد أنها أول ما نزل بالإنذار أو بالنبوة.
والذي يظهر من خلال الأثر الذي ورد عن جابر، أن جابرًا لم يعلم عن نزول الآيات في غار حراء، ويظهر أن الرسول ﷺ لم يحدِّثه بنزول الآيات بل حدثه بمجيء جبريل ﵇ إليه في غار حراء فقط، ثم حدَّثه بما حصل بعد هذا المجيء، فجابر ﵁ حدَّث بما عَلِمَ، وظنَّ أن ما قاله الرسول ﷺ هو أول ما بدئ به في الوحي، ولو أخذناه على هذا المحمل فليس - في نظري - هناك مشكلة، وجابر ﵁ لو كان يعلم أن المَلَكَ لما نزل في غار حراء قرأ على الرسول ﷺ: ﴿اقْرَا بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ لم يقل: (أول ما نزل سورة المدثر).
ثم إن هذا مذهب فرد من الصحابة، والصحابي قد يقع منه الغلط، وليس له عصمة.
1 / 30