============================================================
مقدمة المؤلف الغالبة من بهر القمر إذا أضاء حتى غلب ضوؤه ضوء الكواكب (ليدعوهم) بتسكين الواو (إلى تنزيه) عن النقائص (وتوحيده) عن الشركاء، وخص التوحيد بالذكر مع اندراجه في التنزيه لمزيد اهتمام بشأنه (ويأمروهم بمعرفته) بمعرفة وجوده (وتعظيمه) بإيثبات الكمالات الوصفية الذاتية (وتمجيده) باثبات الكمالات الفعلية، تكميلا للمبعوث إليهم في قوتهم النظرية (ويبلغوا أحكامه) المتعلقة بافعالهم (إليهم) تكميلا لهم في قوتهم العملية (مبشرين ومتذرين بوعده) بنعيمه المقيم (ووعيده) بنار الجحيم، (فاقام بهم) على المكلفين (الحجة، وأوضح المحجة) فانقطعت بذلك أعذارهم بالكلية. قال الله تعالى: لكلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل [النساء: 165]، وأما من نشأ على شاهق جبل، ولم تبلغه دعوة نبي أصلا، فإنه معذور عند الأشاعرة في ترك الأعمال والإيمان أيضا (ثم ختمهم بأجلهم قدرا) مرتبة وشرفا (وأتمهم بدرا) شرعا يهتدي به في ظلمات الهوى، (وأشرفهم نسبا) فإن الله اصطفاه من أشرف القبائل، كما نطق به الحديث المشهور (وأز كاهم مغرسا) مكان غرس (وأطيبهم منبتا) موضع نبات (وأكرمهم محتدا) مكان إقامة من قوله: (وآية أيضا لكونه علامة دالة إلخ) وعلى هذا يكون عطف الآيات على المعجزات من قبيل عطف الصفة على الصفة بناء على أن الذات من حيث اتصافها بهذه الصفة غيرها من يث اتصافها بتلك، فيحصل التغاير المصحح للعطف، وهذا معنى ما يقال: نزل تغاير الصفات منزلة تغاير الذات.
قوله: (ليدعوهم إلخ) قدم الدعوة إلى التنزيه والتوحيد عن الأمر بمعرفة الوجود، مع أن معرفة الوجود سابقة عليه، كما دل عليه ترتيب المقاصد في الموقف الخامس نظرا إلى أن الجاهل ينفس وجوده تعالى قليل، والبعثة اكثرها إنما تكون للدعوة إلى التوحيد والتنزيه، فهي بهذا الاعتبار أهم وهذا ظاهر على المنصف: قوله: (وتمجيده باثبات الكمالات الفعلية) خص التمجيد بإثبات الكمالات الفعلية، لأنه مأخوذ من المجد وهو الكرم المشعر بالآثار والافعال، ويقال: مجدت الناقة أيي علفتها ففيه أيضا ملاحظة الإعطاء والفعل وخص التعظيم بإثيات الكمالات الوضعية الذاتية بقرينة المقابلة والتقديم، وحملا على الإفادة ثم إنه فصل نيما يتعلق بالقوة النظرية لاتفاق شرائع المرسلين عليه، وأجمل فيما يتعلق بالقوة العملية أعني الأحكام الفرعية لاختلافهم في تفصيلها.
قوله: (معذور عند الأشاعرة) خلافا للمعتزلة في الإيمان والأعمال التي للعقل استقلال في ادراك حسنها وتيحها.
قوله: (كما نطق به الحديث المشهور) وهو قوله عليه السلام: "إن الله اصطفى من ولد
Page 22