Sharḥ al-maqāṣid fī ʿilm al-kalām
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
الرابع لو كان الحسن والقبح ذاتيين ألزم اجتماع المتنافيين في أخبار من قال لأكذبن غدا لأنه إما صادق فيلزم لصدقه حسنه ولاستلزامه الكذب في الغد قبحه وإما كاذب فيلزم لكذبه قبحه ولاستلزامه ترك الكذب في الغد حسنه وقد يقرر اجتماع المتنافيين في إخبار الغدي كاذبا فإنه لكذبه قبيح ولاستلزامه صدق الكلام الأول حسن أو لأنه أما حسن فلا يكون القبح ذاتيا للكذب وإما قبيح فيكون تركه حسنا مع استلزامه كذب الكلام الأول وهو قبيح ومبنى الاستلزام على انحصار الإخبار الغدى في هذا الواحد وقد يقرر بأنه إما صادق وإما كاذب وأيا ما كان يلزم اجتماع الحسن والقبح فيه ومبنى الكل على أن ملزوم الحسن حسن وملزوم القبيح قبيح وإن كل حسن أو قبح ذاتي ويمكن تقرير الشبهة بحيث يجتمع الصدق والكذب في كلام واحد فيجتمع الحسن والقبح وذلك إذا اعتبرنا قضية يكون مضمونها الإخبار عن نفسها بعدم الصدق فيتلازم فيها الصدق والكذب كما تقول هذا الكلام الذي أتكلم به الآن ليس بصادق فإن صدقها يستلزم عدم صدقها وبالعكس وقد يورد ذلك في صورة كلام غدي وأمسي فيقال الكلام الذي أتكلم به غدا ليس بصادق أو لا شيء مما أتكلم به غدا بصادق خارجية ثم يقتصر في الغد على قوله ذلك الكلام الذي تكلمت به أمس صادق فإن صدق كل من الكلام الغدى والأمسى يستلزم عدم صدقهما وبالعكس وهذه مغلطة تحير في حلها عقول العقلاء وفحول الأذكياء ولهذا سميتها مغلطة جذرالأصم ولقد تصفحت الأقاويل فلم أظفر بما يروى الغليل وتأملت كثيرا فلم يظهر إلا أقل من القليل وهو أن الصدق أو الكذب كما يكون حالا للحكم أي للنسبة الإيجابية أو السلبية على ما هو اللازم في جميع القضايا فقد يكون حكما أي محكوما به محمولا على الشيء بالاشتقاق كما في قولنا هذا صادق وذاك كاذب ولا يتناقضان إلا إذا اعتبرا حالين لحكم واحد أو حكمين على موضوع واحد بخلاف ما إذا اعتبر أحدهما حالا للحكم والآخر حكما لاختلاف المرجع اختلافا جليا كما في قولنا السماء تحتنا صادق أو كاذب أو خفيا كما في الشخصية التي هي مناط المغلطة فإما إذا فرضناها كاذبة لم يلزم الا صدق نقيضها وهو قولنا هذا الكلام صادق فيقع الصدق حكما للشخصية لا حالا لحكمها وإنما حال حكمها الكذب على ما فرضنا والصدق حال للنسبة الإيجابية التي هي حكم النقيض وحكم للشخصية التي هي الأصل فلم يجتمعا حالين لحكم ولا حكمين لموضوع وكذا إذا فرضناها صادقة وحينئذ فلعل المجيب يمنع تناقض الصدق والكذب المتلازمين بناء على رجوع أحدهما إلى حكم الشخصية والآخر إلى موضوعها لكن الصواب عندي في هذه القضية ترك الجواب والاعتراف بالعجز عن حل الإشكال
الخامس لو كان الفعل حسنا أو قبيحا لذاته لزم قيام العرض بالعرض وهو باطل باعتراف الخصم وبما مر من الدليل وجه اللزوم أن حسن الفعل مثلا أمر زائد عليه لأنه قد يعقل الفعل ولا يعقل حسنه أو قبحه ومع ذلك فهو لوجودي غير قائم بنفسه وهذا معنى العرض أما عدم القيام بنفسه فظاهر وأما الوجود فلأن نقيضه لا حسن وهو سلب إذ لو لم يكن سلبا لاستلزم محلا موجودا فلم يصدق على المعدوم أنه ليس بحسن وهذا باطل بالضرورة وإذا كان أحد النقيضين سلبيا كان الآخر وجوديا ضرورة امتناع ارتفاع النقيضين ثم إنه صفة للفعل الذي هو أيضا عرض فيلزم قيام العرض بالعرض واعترض بأن النقيضين قد يكونان عدميين كالامتناع واللاامتناع وبأن صورة السلب أعني ما فيه حرف النفي لا يلزم من صدقه على المعدوم أن يكون سلبا محضا لجواز أن يكون مفهوما كليا يصدق على أفراد بعضها وجودي وبعضها عدمي كاللاممكن الصادق على الواجب والممتنع وبأنه منقوض بإمكان الفعل فإنه ذاتي له مع إجراء الدليل فيه وإنما لم ينقضوا الدليل بأنه يقتضي أن لا يتصف الفعل بالحسن الشرعي للزوم قيام العرض بالعرض لأن الحسن الشرعي عند التحقيق قديم لا عرض ومتعلق بالفعل لا صفة له وقد بينا ذلك في شرح الأصول
السادس لو حسن الفعل أو قبح لذاته أو لصفاته وجهاته لم يكن الباري مختارا في الحكم واللازم باطل بالإجماع وجه اللزوم أنه لا بد في الفعل من حكم والحكم على خلاف ما هو المعقول قبيح لا يصح عن الباري بل يتعين عليه الحكم بالمعقول الراجح بحيث لا يصح تركه وفيه نفي للاختيار واعترض بأنه وإن لم يفعل القبيح لصارف الحكمة لكنه قادر عليه يتمكن منه ولو سلم فالامتناع لصارف الحكمة لا ينفي الاختيار على أن الحكم عندكم قديم فكيف يكون بالاختيار اللهم إلا أن يقصد الإلزام أو يراد جعله متعلقا بالأفعال
السابع قبح الفعل أو حسنه إذا كان صارفا عنه أو داعيا إليه كان سابقا عليه فيلزم قيام الموجود بالمعدوم واعترض بأن الصارف والداعي في التحقيق هو العلم باتصاف الفعل بالقبح أو الحسن عند الحصول قال تمسكوا بوجوه
الأول إن حسن الإحسان للمعتزلة في كون الحسن والقبح عقليين وجوه
Page 151