Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
فالأول من الوجوه العقلية أن فعل العبد ممكن وكل ممكن مقدور لله تعالى لما مر في بحث الصفات ففعل العبد مقدور الله تعالى فلو كان مقدورا للعبد أيضا على وجه التأثير لزم اجتماع المؤثرين المستقلين على أثر واحد وقد بين امتناعه في بحث العلل فإن قيل اللازم من شمول قدرته كون فعل العبد مقدورا له بمعنى دخوله تحت قدرته وجواز تأثيرها فيه ووقوعه بها نظرا إلى ذاته لا بمعنى أنه واقع بها ليلزم المحال قلنا جواز وقوعه بها مع وقوعه بقدرة العبد يستلزم جواز المحال وهو محال وفيه نظر ومن تلفيقات الإمام في بيان كون كل ممكن واقعا بقدرة الله تعالى أن الإمكان محوج إلى سبب ولا يجوز أن يكون محوجا إلى سبب لا بعينه لأن غير المعين لا تحقق له في الخارج وما لا تحقق له لا يصلح سببا لوجود شيء فتعين أن يكون محوجا إلى سبب معين ثم الإمكان أمر واحد في جميع الممكنات فلزم افتقارها كلها إلى ذلك السبب والسبب الذي يفتقر إليه جميع الممكنات لا يكون ممكنا بل واجبا ليكون الكل بإيجاده وقد ثبت أنه مختار لا موجب فيكون الكل واقعا بقدرته واختياره وفي بيان كون كل مقدور الله واقعا بقدرته وحده أنه لو لم يقع بقدرة الله تعالى وحده فإما أن يقع بقدرة الغير وحده فيلزم ترجح أحد المتساويين بل ترجح المرجوح لأن التقدير استقلال القدرتين مع أن قدرة الله تعالى أقوى وإما أن يقع بكل من القدرتين فيلزم اجتماع المستقلتين وإما أن لا يقع بشيء منهما وهو أيضا باطل لأن التقدير وقوعه في الجملة ولأن التخلف عن المقتضى لا يكون إلا لمانع وما ذاك إلا الوقوع بالقدرة الثانية فلا ينتفي الوقوع بهما إلا إذا وقع بهما وهو محال وأيضا لو وقع بقدرة الغير لما بقي لله تعالى قدرة على إيجاده لاستحالة إيجاد الموجود فيلزم كون العبد معجزا للرب وهو محال بخلاف ما إذا أوجده الله تعالى بقدرته فإنه يكون تقريرا لقدرته لا تعجيزا
قال الثاني الوجه الثاني من الوجوه العقلية أن العبد لو كان موجدا لأفعاله لكان عالما بتفاصيلها واللازم باطل أما الملازمة فلأن الإتيان بالأزيد والأنقص والمخالف ممكن فلا بد لرجحان ذلك النوع وذلك المقدار من مخصص هو القصد إليه ولا يتصور ذلك إلا بعد العلم به ولظهور هذه الملازمة يستنكر الخلق بدون العلم كقوله تعالى
﴿ألا يعلم من خلق﴾
ويستدل بفاعلية العالم على عالمية الفاعل وأما بطلان اللازم فلوجوه
Page 128