Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
والثاني أن الواجب هو الوجود المطلق وهو واحد لا كثرة فيه أصلا وإنما الكثرة في الإضافات والتعينات التي هي بمنزلة الخيال والسراب إذ الكل في الحقيقة واحد يتكرر على المظاهر لا بطريق المخالطة ويتكثر في النواظر لا بطريق الانقسام فلا حلول ههنا ولا اتحاد لعدم الإثنينية والغيرية وكلامهم في ذلك طويل خارج عن طريق العقل والشرع وقد أشرنا في بحث الوجود إلى بطلانه لكن من يضلل الله فما له من هاد قال المبحث الرابع الجمهور على أن الواجب يمتنع أن يتصف بالحادث أي الموجود بعد العدم خلافا للكرامية وأما اتصافه بالسلوب والإضافات الحاصلة بعد مالم تكن ككونه غير رازق لزيد الميت رازقا لعمرو المولود وبالصفات الحقيقية المغيرة التعلقات ككونه عالما بهذا الحادث وقادرا عليه فجائز وكذا بالأحوال المتحققة بعد مالم تكن كالعالميات المتجددة بتجدد المعلومات عند أبي الحسين البصري على ما سيجيء تحقيق ذلك وبهذا يندفع ما ذكره الإمام الرازي من أن القول بكون الواجب محلا للحوادث لازم على جميع الفرق وإن كانوا يتبرأون عنه أما الأشاعرة فلأن زيدا إذا وجد كان الواجب غير قادر على خلقه بعد ما كان وفاعلا له عالما بأنه موجود مبصرا لصورته سامعا لصوته آمرا له بالصلاة بعدما لم يكن كذلك وأما المعتزلة فلقولهم بحدوث المريدية والكارهية لما يراد وجوده أو عدمه والسامعية والمبصرية لما يحدث من الأصوات والألوان وكذا يتجدد العالميات بتجدد المعلوميات عند أبي الحسين البصري وأما الفلاسفة فلقولهم بأن الله تعالى إضافة إلى ما حدث ثم فني بالقبلية ثم المعية ثم البعدية وهم لا يقولون بوجود كل إضافة حتى يلزم اتصافه بموجودات حادثة على ما هو المتنازع وهذه الشبهة هي العمدة في تمسك المجوزين فلا تكون واردة في محل النزاع وقد تمسك بأن المصحح لقيام الصفة بالواجب إما كونها صفة فيعم القديم والحادث وإما مع قيد القدم أعني كونه غير مسبوق بالعدم وهو عدمي لا يصلح جزأ للمؤثر وجوابه منع الحصر لجواز أن يكون المصحح ماهية الصفة القديمة المخالفة لماهية الصفة الحادثة على أن يكونا أمرين متخالفين متشاركين في مفهوم الوصفية ولو سلم يجوز أن يكون القدم شرطا أو الحدوث مانعا احتج المانعون بوجوه
الأول أنه لو جاز اتصافه بالحادث لجاز النقصان عليه وهو باطل بالإجماع وجه اللزوم أن ذلك الحادث إن كان من صفات الكمال كان الخلو عنه مع جواز الاتصاف به نقصانا بالاتفاق وقد خلا عنه قبل حدوثه وإن لم يكن من صفات الكمال امتنع اتصاف الواجب به للاتفاق على أن كل ما يتصف هو به يلزم أن يكون صفة كمال واعترض بأنا لا نسلم أن الخلو عن صفة الكمال نقص وإنما تكون لو لم يكن حال الخلو متصفا بكمال يكون زواله شرطا لحدوث هذا الكمال وذلك بأن يتصف دائما بنوع كمال تتعاقب أفراده من غير بداية ونهاية ويكون حصول كلا لاحق مشروطا بزوال السابق على ما ذكره الحكماء في حركات الأفلاك فالخلو عن كل فرد يكون شرطا لحصول كمال آخر بل الاستمرار كمالات غير متناهية فلا يكون نقصا وأجيب بأن المقدمة إجماعية بل ضرورية والسند مدفوع بأنه إذا كان كل فرد حادثا كان النوع حادثا ضرورة أنه لا يوجد إلا في ضمن فرد وبأن الواجب على ما ذكرتم لا يخلو عن الحادث فيكون حادثا ضرورة وبأنه في الأزل يكون خاليا عن كل فرد ضرورة امتناع الحادث في الأزل فيكون ناقصا
الثاني وهو العمدة عند الحكماء أن الاتصاف بالحادث تغير وهو على الله تعالى محال واعترض بأنه إن اريد بالتغير مجرد الانتقال من حال إلى حال فالكبرى نفس المتنازع وإن أريد تغير في الواجبية أو تأثير وانفعال عن الغير فالصغرى ممنوعة لجواز أن يكون الحادث معلول الذات بطريق الاختيار أو بطريق الإيجاب بأن يقتضي صفة كمالية متلاحقة الأفراد مشروطا ابتداء كل بانتهاء الآخر كحركات الأفلاك عندهم
Page 71