210

Sharh Maqasid

شرح المقاصد في علم الكلام

Publisher

دار المعارف النعمانية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1401هـ - 1981م

Publisher Location

باكستان

Genres

Theology

السادس لو حل في جسم والأجسام متماثلة لتركبها من الجواهر الفردة المتفقة الحقيقة على ما بين لجاز حلوله في أحقر الأجسام وأرذلها فلا يحصل الجزم بعدم حلوله في مثل البعوضة وهو باطل بلا نزاع قال والقول بالحلول يعني كما قامت الدلالة على امتناع الحلول والاتحاد على الذات فكذا على الصفات بل أولى لاستحالة انتقال الصفة عن الذات والاحتمالات التي تذهب إليها أوهام المخالفين في هذا الأصل ثمانية حلول ذات الواجب أو صفته في بدن الإنسان أو روحه وكذا الاتحاد والمخالفون منهم نصارى ومنهم منتمون إلى الإسلام أما النصارى فقد ذهبوا إلى أن الله تعالى جوهر واحد ثلاثة أقانيم هي الوجود والعلم والحياة المعبر عنها عندهم بالأب والابن وروح القدس على ما يقولون آنا ايثا روحا قدسا ويعنون بالجوهر القائم بنفسه وبالأقنوم الصفة وجعل الواحد ثلاثة جهالة أو ميل إلى أن الصفات نفس الذات واقتصارهم على العلم والحياة دون القدرة وغيرها جهالة أخرى وكأنهم يجعلون القدرة راجعة إلى الحياة والسمع والبصر إلى العلم ثم قالوا إن الكلمة وهي أقنوم العلم اتحدت بجسد المسيح وتدرعت بناسوته بطريق الامتزاج كالحمر بالماء عند الملكائية وبطريق الإشراق كما تشرق الشمس من كوة على بلور عند النسطورية وبطريق الانقلاب لحما ودما بحيث صار الإله هو المسيح عند اليعقوبية ومنهم من قال ظهر اللاهوت بالناسوت كا يظهر الملك في صورة البشر وقيل تركب اللاهوت والناسوت كالنفس مع البدن وقيل إن الكلمة قد تداخل الجسد فيصدر عنه خوارق العادات وقد تفارقه فتحله الآلام والآفات إلى غير ذلك من الهذيانات وأما المنتمون إلى الإسلام فمنهم بعض غلاة الشيعة القائلون بأنه لا يمتنع ظهور الروحاني بالجسماني كجبرائيل في صورة دحية الكلبي وكبعض الجن أو الشياطين في صورة الأناسي ولا يبعد أن يظهر الله تعالى في صورة بعض الكاملين وأولى الناس بذلك علي رضي الله عنه وأولاده المخصوصون الذين هم خير البرية والعلم في الكمالات العلمية والعملية فلهذا كان يصدر عنهم في العلوم والأعمال ما هو فوق الطاقة البشرية ومنهم بعض المتصوفة القائلون بأن السالك إذا أمعن في السلوك وخاض معظم لجة الوصول فربما يحل الله فيه تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا كالنار في الجمر بحيث لا تمايز أو يتحد به بحيث لا إثنينية ولا تغاير وصح أن يقول هو أنا وأنا هو وحينئذ يرتفع الأمر والنهي ويظهر من الغرائب والعجائب مالا يتصور من البشر وفساد الرأيين غني عن البيان وههنا مذهبان آخران يوهمان بالحلول أو الاتحاد وليسا منه في شيء

الأول أن السالك إذا انتهى سلوكه إلى الله وفي الله يستغرق في بحر التوحيد والعرفان بحيث تضمحل ذاته في ذاته تعالى وصفاته في صفاته ويغيب عن كل ما سواه ولا يرى في الوجود إلا الله تعالى وهذا الذي يسمونه الفناء في التوحيد وإليه يشير الحديث الإلهي أن العبد لا يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي به يسمع وبصره الذي به يبصر وحينئذ ربما تصدر عنه عبارات تشعر بالحلول أو الاتحاد لقصور العبارة عن بيان تلك الحال وتعذر الكشف عنها بالمقال ونحن على ساحل التمني نغترف من بحر التوحيد بقدر الإمكان ونعترف بأن طريق الفناء فيه العيان دون البرهان والله الموفق

Page 70