Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
إشارة إلى أسباب الرياح وذلك أن الأدخنة الكثيرة المتصاعدة قد تتكاثف بالبرد وينكسر حرها بالطبقة الزمهريرية فتثقل وترجع بطبعها فيتموج الهواء فتحدث الريح الباردة وقد لا ينكسر حرها فتصاعد إلى كرة النار ثم ترجع بحركتها التابعة بحركة الفلك فتحدث الريح الحارة وعلى هذا ينبغي أن يحمل ما وقع في المواقف من أنها تصادم الفلك أي تقارنه بحيث يصل إليها أثر حركته وإلا فلا يتصور أن يقطع الدخان مع ما فيه من الأجزاء الأرضية الثقيلة كرة النار مع شدة إحالتها لما يجاورها حتى يصادم الفلك حقيقة وقد يكون تموج الهواء لتخلخل يقع في جانب منه فيدفع ما يجاوره وهكذا إلى أن يفترو بالجملة فالمتموج من الهواء هو الريح بأي سبب يقع وأما الزوبعة والإعصار أعني الريح المستديرة الصاعدة أو الهابطة فسبب الصاعدة تلاقي الريحين من جهتين متقابلتين وسبب الهابطة أن ينفصل ريح من سحابة فيقصد النزول فيعارضها في الطريق سحابة صاعدة فتدافعها لأجزاء الريحية إلى تحت فيقع جزء من الريح بين دافع إلى تحت ودافع إلى فوق فيستدير وتنضغط الأجزاء الأرضية بينهما فتهبط ملتوية والحق أن ما شوهد من أحوال الرياح القالعة للأشجار والمختطفة للسفن من البحار وما تواتر من تخريبها للمدن وما ورد من النصوص القاطعة في ذلك يشهد شهادة صادقة بوجوب الرجوع إلى القادر المختار وغاية ما ذكروه لو ثبت بيان الأسباب المادية
( قال وقد يحول 9 )
يشير إلى سبب الهالة وقوس قزح أما الهالة فسببها إحاطة أجزاء رشية صقيلة كأنها مرايا متراصة بغيم رقيق لطيف لا يستر ما وراءه واقع في مقابلة القمر فيرى في ذلك الغيم نفس القمر لأن الشيء إنما يرى على الاستقامة نفسه لا شبحه ويرى في كل واحد من تلك الأجزاء الرشية شبحه لانعكاس ضوء البصر منها إلى القمر لأن الضوء إذا وقع على صقيل انعكس إلى الجسم الذي وضعه من ذلك الصقيل كوضع المضيء منه إذا لم تكن جهته مخالفة لجهة المضي فيرى ضوء القمر ولا يرى شكله لأن المرآة إذا كانت صغيرة لا تؤدي شكل المرئي بل ضوءه ولونه إن كان ملونا فيؤدي كل واحد من تلك الأجزاء ضوء القمر فيرى دائرة مضية لكون الهيئة الحاصلة بين تلك الأجزاء وبين المرئي واحدة وإنما لا يرى السحاب الذي يقابل القمر لقوة شعاع القمر فإن الرقيق اللطيف لا يرى في ضوء القوى كأجزاء الهباء المتفرقة في الصحراء وأكثر ما تحدث الهالة عند عدم الريح فيستدل بتحرقها من جميع الجهات على الصحو ومن جهة على ريح تأتي الجهة من تلك وببطلانها يثحن السحاب على المطر لتكثر الأجذاء المائية وقد تتضاعف الهالة بأن توجد سحابتان بالصفة المذكورة أحديهما تحت الأخرى ولا محالة تكون التحتانية أعظم لكونها أقرب وذكر بعضهم أنه رأى سبع هالات معا وأما حالة الشمس وتسمى بالطفاوة فنادرة جدا لأن الشمس في الأكثر تحلل السحب الرقيقة وأما قوس قزح فسببه أنه إذا كان في خلاف جهة الشمس أجزاء مائية شفافة صافية وكان وراءها جسم كثيف مثل جبل أو سحاب مظلم حتى يكون كحال البلور الذي وراءه شيء ملون لينعكس منه الشعاع وكانت الشمس قريبة من الأفق فإذا واجهنا تلك الأجزاء المائية انعكس شعاع البصر من تلك الأجزاء الصقيلة إلى الشمس فأدى كل واحد منها لكونه صغيرا ضوء الشمس دون شكلها وكان مستديرا على شكل قوس لأن الشمس لو جعلت بمركز دائرة لكان القدر الذي يقع من تلك الدائرة فوق الأرض يمر على تلك الأجزاء ولو تمت الدائرة لكان تمامها تحت الأرض وكلما كان ارتفاع الشمس أكثر كانت القوس أصغر ولهذا لم يحدث إذا كانت الشمس في وسط السماء وأما اختلاف ألوانها فقيل لأن الناحية العليا تكون أقرب إلى الشمس فيكون انعكاس الضوء أقوى فيرى حمرة ناصعة والسفلى أبعد منها وأقل إشراقا فترى حمرة في سواد وهو الأرجواني ويتولد بينهما كرائي مركب من إشراق الحمرة وكدر الظلمة ورد بأن ذلك يقتضي أن يندرج من نصوع الحمرة إلى الأرجوانية من غير انفصال الألوان بعضها عن بعض على أن تولد الكرائي إنما هو من الأصغر والأسود فليس له مع الأحمر والأرجواني كثير مناسبة واعترف ابن سينا بعدم الاطلاع على سبب اختلاف هذه الألوان
( قال وقد شاهدت 2 )
Page 358