وسئل بعض علماء الأدب من أهل عصرنا عن الحريري والبديع، فقال: لم يبلغ الحريري أن يسمى «بديع يوم» فكيف يقارن بديع زمان!
وجرى ذكر مقاماته في مجلس بعض أشياخنا، وكان حافظا أديبا، فقال: مقامات البديع يحكى أنها ارتجال، وأن البديع كان يقول لأصحابه في آخر مجلسه: اقترحوا غرضا نبني عليه مقامة فيقترحون ما شاءوا فيملي عليهم المقامة ارتجالا في الغرض الذي اقترحوه؛ وهذا أقوى دليل إن صح على فضل البديع. قوله علّامة: أي كثير العلم، وهي بنية للمبالغة.
[همذان]
وهمذان، بفتح الميم ونقط الذال: بلد بخراسان. وقيل همذان من كور الجبل.
وبلد همذان واسع جليل القدر كثير الأقاليم والكور، افتتح سنة ثلاث وعشرين، ويشرب أهلها من عيون وأودية، وقال اليعقوبي: من أراد السير من الدّينور إلى همذان سار متنزها إلى موضع، يقال له: أسدآباذ مرحلتين من أسدآباذ إلى مدينة همذان مرحلتان- وهي كثيرة البرد. وقال فيها ابن خالويه- وهو همذاني، واستوطن حلب عند بني حمدان:
[الطويل]
إذا همذان اعترّها البرد وانقضى ... برغمك أيلول وأنت مقيم
فعيناك عمشاء وأنفك سائل ... ووجهك مسود البياض بهيم
بلاد- إذا ما الصيف أقبل جنة ... ولكنّها عند الشتاء جحيم
ولبعضهم: [الكامل]
همذان متلفة النّفوس ببردها ... والزّمهرير، وحرّها مأمون
غلب الشتاء مصيفها وخريفها ... فكأنّما تمّوزها كانون
وكل الرواة يروونها «همذان» بفتح الميم ونقط الذال، إلا ابن اللبّانة فإني رأيت في شرحه: همدان بسكون الميم ودال غير معجمة، وهي قبيلة يمانية، قال فيها عليّ بن أبي طالب ﵁ وكرّم الله وجهه: [الطويل]
ولو كنت بوابا على باب جنّة ... لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
والرواية الأولى أثبت. قوله: «عزا» أي نسب يقال: عزيته عزيا، وعزوته عزوا:
نسبته؛ واعتزي إلى بني فلان: انتسب إليهم وأبو الفتح في البديعية بمنزلة أبي زيد في الحريرية، وعيسى بمنزلة الحارث نشأتها: صنعتها. وروايتها: إسناد أحاديثها. والنكرة التي لا تتعرف، هي في غير الأسماء.
***
1 / 21