هذا توكيد لما ذكر في البيت السابق، من الإرشاد إلى ملازمة الطاعات فرضا ونفلا، على نحو ما أوضحنا، والتهجد: هو من الأضداد يطلق على السهر والنوم، لكن التهجد إذا أطلق فالمراد به قيام الليل، والمتهجدون المصلون بالليل (¬1) وقد ندب الناظم رحمه الله إلى الطول في القيام والسجود، وعنى بطول القيام طول القراءة، وبطول السجود طول التسبيح والدعاء، وهذا عمل حسن، فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكنه غير واجب والاقتصار على المستطاع هو الكمال، ومن خفف فلا بأس، ومن أعظم ما يحصل لصاحب هذا العمل أن صلاته مشهودة من ملائكة الرحمة، وقد ورد ذلك في حديث جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك # أفضل) (¬1) وما ورد من أن في الليل ساعة لا يوافقها مسلم إلا أعطي ما سأل، ورد ذلك في حديث جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن في الليل لساعة، لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة) (¬2) ولا ريب أن هذه الساعة هي ما ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له) (¬3).
وبت نديم الفرقد واشرب كؤوس الأدمع:
توجيه من الناظم رحمه الله إلى أن يكون المسلم حريصا على الطاعات، كثير الخشية من الله - عز وجل -، فالخشية أخص من الخوف، وهي جالبة لدمع العين، ومن دمعت عينه من خشية الله حماها الله من النار، لما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله) (¬4).
Page 43