Sharh Macani Athar

al-Tahawi d. 321 AH
87

Sharh Macani Athar

شرح معاني الآثار

Investigator

محمد زهري النجار ومحمد سيد جاد الحق

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publication Year

1414 AH

٦١١ - حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ: ثنا أَسَدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁: هَلْ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ أَحَدٌ؟ فَقَالَ: لَمْ يَصْحَبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَلَكِنْ فَقَدْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ فَتَفَرَّقْنَا فِي الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ نَلْتَمِسُهُ، وَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ نَقُولُ: اسْتُطِيرَ، أَمِ اغْتِيلَ. فَقَالَ: «إِنَّهُ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ، فَذَهَبْتُ أُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ فَأَرَانَا آثَارَهُمْ» فَهَذَا عَبْدُ اللهِ قَدْ أُنْكِرَ أَنْ يَكُونَ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ. فَهَذَا الْبَابُ إِنْ كَانَ يُؤْخَذُ مِنْ طَرِيقِ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ، فَهَذَا الْحَدِيثُ، الَّذِي فِيهِ الْإِنْكَارُ أَوْلَى، لِاسْتِقَامَةِ طَرِيقِهِ وَمَتْنِهِ، وَثَبْتِ رُوَاتِهِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ، فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ، أَنَّهُ لَا يُتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ الزَّبِيبِ، وَلَا بِالْخَلِّ، فَكَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ نَبِيذُ التَّمْرِ أَيْضًا كَذَلِكَ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ إِذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ، أَنَّهُ لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاءٍ. فَلَمَّا كَانَ خَارِجًا مِنْ حُكْمِ الْمِيَاهِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ، كَانَ كَذَلِكَ هُوَ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ. وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي فِيهِ التَّوَضُّؤُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ إِنَّمَا فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ تَوَضَّأَ بِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَافِرٍ لِأَنَّهُ إِنَّمَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُهُمْ، فَقِيلَ إِنَّهُ تَوَضَّأَ بِنَبِيذِ التَّمْرِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَهُوَ فِي حُكْمِ مَنْ هُوَ بِمَكَّةَ، لِأَنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ، فَهُوَ أَيْضًا فِي حُكْمِ اسْتِعْمَالِهِ ذَلِكَ النَّبِيذَ هُنَالِكَ فِي حُكْمِ اسْتِعْمَالِهِ إِيَّاهُ بِمَكَّةَ. فَلَوْ ثَبَتَ هَذَا الْأَثَرُ أَنَّ النَّبِيذَ مِمَّا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْبَوَادِي، ثَبَتَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ لَا بِهِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ، وَفِي حَالِ عَدَمِهِ. فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ، وَالْعَمَلِ بِضِدِّهِ، فَلَمْ يُجِيزُوا التَّوَضُّؤَ بِهِ فِي الْأَمْصَارِ، وَلَا فِيمَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَمْصَارِ، ثَبَتَ بِذَلِكَ تَرْكُهُمْ لِذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَخَرَجَ حُكْمُ ذَلِكَ النَّبِيذِ، مِنْ حُكْمِ سَائِرِ الْمِيَاهِ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ النَّظَرُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ
بَابُ الْمَسْحِ عَلَى النَّعْلَيْنِ
٦١٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَا: ثنا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ح ٦١٣ - وَحَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبِي تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْنِ لَهُ. فَقُلْتُ لَهُ: أَتَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ؟ فَقَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ»

1 / 96