Sharh Ma Bacd Tabica

Averroes d. 595 AH
89

Sharh Ma Bacd Tabica

شرح ما بعد الطبيعة

قال ارسطو وفى معرفة الاوائل صعوبة ايضا فانا نفحص ان نعلم هل ينبغى ان يظن ان الاسطقسات والاوائل هى الاجناس ام هى التى منها كينونة جميع الاشياء كقولنا هل اسطقسات الصوت واوائله هى هذه الاشياء التى تركبت منها جميع الاصوات ام هى الصوت العام الكلى وهل اسطقسات المقدمات هى المقدمات التى لبرهانها كينونة مع برهان سائر المقدمات او اسطقساتها هو البرهان الذى لجميع المقدمات او لاكثرها وايضا الذين يقولون اى يزعمون ان الاسطقسات كثيرة والذين يزعمون ان الاسطقسات واحد قالوا ان اوائل الاجسام هى الاشياء التى ركبت منها وقومت كما قال ابن دقليس فانه زعم ان الاسطقسات الماء والنار لا ما يعمهما وان الهويات المركبة منها وفيها ولاكنه لا يقول ان هذه الاسطقسات مثل اجناس الاكوان ومع هذا ان اراد احد ان يعلم طباع سائر الاشياء فليفحص ليعلم من اى الاشياء ركبت كقولنا ان اراد احد ان يعلم طباع السرير فليفحص ليعلم من اى الاشياء ركب السرير فانه اذا علم من اى الاجزاء ركب السرير وكيف قوم فهنالك يعلم طباعه فمن هذه الاقاويل يستبين ان اجناس الهويات ليست اوائل فاما ان كنا نعلم جميع الاشياء من الحدود ونعلم ان الاجناس هى اوائل الحدود فالاجناس هى اوائل الاشياء المحدودة باضطرار ايضا وان كان يمكن ان تعرف الهويات بالصور التى تنعت بها الهويات والاجناس هى اوائل الصور فالاجناس هى اوائل علم الهويات وبعض الذين يزعمون ان اسطقسات الهويات هو الواحد والهوية والكبير والصغير يستعملونها ويصيرونها كالاجناس ولا كن لا يمكن ان تقال الاوائل على وجهين لان حد الجوهر واحد وان قيل ان الاوائل على نحوين يلزم ان يكون الحد الذى من الاجناس غير الحد الذى يحد الشىء من الاشياء التى هو منها وهى فى حده ومع هذا نقول انه ان كانت الاجناس هى الاوائل هل ينبغى لنا ان ننظر اى اجناس هى اوائل اهى الاجناس الاول ام الاجناس الاخيرة التى تحصى بالعدد فان فى ذلك شبهة لانه ان كانت لا محالة الاشياء الكلية اوجب اولية من غيرها فمعلوم ان الاوائل هى الاجناس الاعالى فان هذه الاجناس تقال بنوع الملاءمة على جميع ما تحتها فيكون عدد اوائل الهويات على عدد الاجناس الاول ويكون الواحد والهوية اوائل وجواهر الهويات لان هذه اكثر ذلك تقال على جميع الهويات ولاكن لا يمكن ان يكون جنس الهويات الواحد ولا الهوية لان لفصول جميع الاشياء كينونة اضطرارا وكل فصل واحد بالعدد ولا يمكن ان تحمل الصور على الجنس ولا على الفصول التى هى لها خاص ولا يحمل الجنس الا على الصور التى هى له فمعلوم انه ان كان الواحد والهوية اجناسا فلا يجب ان يكون فصل من الفصول واحدا وهوية لكن ان لم يكن الواحد والهوية اجناسا فليست اوائل اذ كانت الاوائل اجناسا التفسير قوله وفى معرفة الاوائل صعوبة الى قوله ام هى الصوت العام الكلى يريد وفى معرفة المبادى مسئلة صعبة وهى هل المبادى والاسطقسات للاشياء هى الاجناس والكليات التى للاشياء المكونة ام هى الاسباب المشار اليها التى منها تقومت الاشياء الجزئية التى فى تلك الاجناس لا كليات تلك الاسباب ولا اجناسها مثال ذلك ان يسأل سائل هل اسطقسات الالفاظ هى حروف المعجم المشار اليها اعنى الاصوات المسموعة التى تسمى حروفا التى منها يقوم لفظ لفظ ام الصوت الكلى والحرف الكلى الذى هو كالجنس لهذه ثم قال وهل اسطقسات المقدمات الى قوله او لاكثرها يريد وكذلك يسئل ايضا هل اوائل المقدمات هى المقدمات الجزئية التى تستعمل فى برهان برهان او اوائلها هو البرهان المطلق العام الذى هو من مقدمات عامة ولما ذكر هذين المعنيين اخذ يذكر الفرق التى تقول بكل واحد من المذهبين فابتدا بالذين يقولون ان المبادى هى الجزئيات لا الكليات فقال وايضا الذين يزعمون ان الاسطقسات كثيرة والذين يزعمون ان الاسطقس واحد قالوا ان اوائل الاجسام هى التى منها ركبت وقومت يريد ان الناس المتقدمين الذين زعموا ان الاسطقسات كثيرة والذين زعموا ايضا ان الاسطقس واحد كانوا يعتقدون ان المبادى هى الامور الشخصية التى منها تقومت الامور المحسوسة ثم ذكر من اعتقد ذلك منهم فقال كما زعم ابن دقليس فانه زعم ان الاسطقسات الماء والنار لا ما يعمهما وان الهويات المركبة منها وفيها يريد مثل ابن دقليس فانه زعم ان اسطقسات المركبات هى هذا الماء والنار والهواء والارض المشار اليها لا الذى يعمها مثل الجسم وان جميع الاشياء المركبة المشار اليها منها ركبت وبها تقومت ولم ير ان اجناس هذه ولا كلياتها المعقولة هى الاسطقسات الكلية وهذا هو الذى دل عليه بقوله ولا كن لا يقول ان هذه الاسطقسات مثل اجناس الاكوان يريد ولاكنه لا يقول ان هذه انما صارت اسطقسات من حيث هى كالجنس لجميع المكونات ولما عدد القوم الذين كانوا يرون ان الاوائل هى المفردات لا الكليات اخذ يذكر ايضا حجة هولاء فقال ومع هذا ان اراد احد ان يعلم طباع سائر الاشياء فليفحص ليعلم من اى الاجزاء ركبت كقولنا ان اراد احد ان يعلم طباع السرير فليفحص ليعلم من اى الاجزاء ركب السرير فانه اذا علم من اى الاجزاء ركب السرير وكيف قوم فهنالك يعلم طبيعة السرير يريد ومن الحجة لمن يقول ان الاشياء المشار اليها هى المبادى لا المعقولات التى لها انه متى اراد احد ان يعلم ما هو السرير فانه انما يفحص عن الاشياء التى منها ركب السرير فانه اذا علم من اى الاشياء ركب وكيف ركب فقد علم طبيعة السرير ثم قال فمن هذه الاقاويل يستبين ان اجناس الهويات ليست اوائل يريد فمن هذه الحجج وامثالها يقنع ان كليات الاشياء ليست اوائل لها ولما ذكر هذه اخذ يذكر الحجج التى توجب ان الكليات هى الاوائل فقال فاما ان كنا نعلم جميع الاشياء من الحدود ونعلم ان الاجناس هى اوائل الحدود فالاجناس هى اوائل الاشياء المحدودة˹ وهذه الحجة ايضا مقنعة فانه اذا وضع ان العلم بالاشياء انما يكون من قبل حدودها ووضع ان الحدود انما تعلم من قبل الاجناس فبين انه يلزم عن ذلك ان العلم بالاشياء انما يكون من قبل اجناسها واذا اضيف الى هذا ان العلم بالشىء يكون من قبل اوائله انتتج من ذلك ان اجناس الاشياء هى اوائلها ثم قال وايضا ان كان يمكن ان تعرف الهويات بالصور التى تنعت بها الهويات والاجناس هى اوائل الصور فالاجناس اوائل علم الهويات˹ واللزوم فى هذا القول بين ايضا وذلك انه اذا وضع ان الموجودات تعرف بصورها التى تنعت بها وتوصف من طريق ما هى ووضع ان الاجناس هى اوائل هذه الصور انتتج من ذلك فى الشكل الاول ان الموجودات انما تعرف باجناسها فاذا اضيف الى هذا ان التى بها تعرف الاشياء هى الاوائل انتتج من ذلك ان الاجناس هى الاوائل لكن اوائل المعرفة ليست هى اوائل الوجود ثم قال وبعض الذين يزعمون ان اسطقسات الهويات هو الواحد والهوية والكبير والصغير يستعملونها ويصيرونها كالاجناس يريد ان القائلين بالاجناس يصيرون ما كان منها مثل الواحد والهوية والكبير والصغير وبالجملة الاجناس التى لا تقال بتواطؤ هى المبادى ويشبه ان يكون انما قال ذلك لان بعض هولاء لا يضع الاجناس مبادى الا المقولة بتواطؤ ثم قال ولاكن لا يمكن ان تكون الاوائل على وجهين لان حد الجوهر واحد يريد وليس يمكن ان يجمع بين هذه الاقاويل المتعارضة حتى تكون الاوائل توخذ بالنحوين معا فان الاوائل هى جواهر والجوهر طبيعة واحدة والكلى والشىء المشار اليه طبيعتان لان احدهما معقول والاخر محسوس ثم قال وان قيل ان الاوائل على نحوين يلزم ان يكون الحد الذى من الاجناس غير الحد الذى يحد الشىء من الاشياء التى هو منها وهى فى حده يريد ويلزم ان تختلف حدود الاوائل لان الحد الذى يكون للاوائل من حيث هى اجناس وكليات غير الحد الذى يكون لها من حيث هى اجزاء الشىء الماخوذ فى حده ولما ذكر الشكوك العارضة فى وضع المبادى اجناسا او غير اجناس اخذ يذكر ايضا ما يلحق من الطلب والعويص فى وضعها اجناسا فقال ومع هذا نقول انه ان كانت الاجناس هى الاوائل هل ينبغى لنا ان ننظر اى الاجناس هى الاوائل اهى الاجناس الاولى ام الاجناس الاخيرة يريد ومع هذا ان سلمنا ان الاجناس هى المبادى فقد ينشأ فى ذلك موضع فحص وعويص وهو هل الاوائل هى الاجناس الاول التى فى الغاية من العموم ام هى الاخيرة التى تنقسم اليها الاشخاص اعنى الانواع الاخيرة ثم قال فان فى ذلك شبهة لانه ان كانت لا محالة الاشياء الكلية اوجب اولية من غيرها فمعلوم ان الاوائل هى الاجناس الاعالى فان هذه الاجناس تقال على جميع ما تحتها بالملاءمة يريد لانه ان كانت اوائل الاجناس اوجب اولية وجب ان تكون الاجناس العالية جدا هى الاوائل اذ كانت اوائل الاجناس هى الاجناس العالية وقوله فان هذه الاجناس تقال على جميع ما تحتها بالملاومة يريد انها تحمل على جميع ما تحتها على طريق التواطؤ والموافقة اى من طريق ما هى ثم قال ويكون الواحد والهوية اوائل يريد ويلزم على هذا ان يكون الواحد والموجود هى اوائل الهويات لان هذه هى اعم اجناس الموجودات التى تحمل على جميعها على طريق الملاومة ثم قال ولاكن لا يمكن ان يكون جنس الهويات الواحد ولا الهوية لان لفصول جميع الموجودات كينونة اضطرارا وكل فصل واحد بالعدد يريد ولاكن لا يمكن ان يكون الواحد والموجود جنسا لجميع الاشياء لان هاهنا اجناسا عالية ليس بعضها داخلا تحت بعض وكل واحد ينفرد بفصل واحد يخصه من غير ان يشترك فى طبيعة واحدة فاسم الموجود المقول عليهما ليس يعرف منها طبيعة واحدة اذ كانت طبائعها مختلفة ثم قال ولا يمكن ان يحمل الجنس على الصور ولا على الفصول التى هى لها خاص ولا يحمل الجنس الا على الصور التى هى له يريد ولا يمكن ان يحمل شىء حمل الجنس على اشياء ذات صور متباينة لا تشترك فى صورة واحدة بالعدد بل انما يحمل الجنس على الصور التى تشترك فى صورة واحدة بالعدد ثم قال فمعلوم انه ان كان الواحد والهوية اجناسا فلا يجب ان يكون فصل من الفصول واحدا وهوية يريد انه ان كان الواحد والهوية جنسا يعم المقولات العشر اى يقال عليها بتواطؤ فلا يجب ان يكون للمقولات فصول تباين بها بعضها بعضا فى جميع طبائعها ثم تكون طبيعة الجوهر والكيف طبيعة واحدة ثم قال لا كن ان لم يكن الواحد والهوية اجناسا فليست اوائل اذ كانت الاوائل اجناسا يريد لكن يلزم هولاء ان لم يكن الواحد والهوية اجناسا الا يكون الواحد والهوية اوائل لان من وضعهم ان الاوائل هى اجناس وهذا لازم لمن يزعم ان الاوائل هى الواحد والهوية

[11] Textus/Commentum

Page 227