Sharh Ma Bacd Tabica

Averroes d. 595 AH
79

Sharh Ma Bacd Tabica

شرح ما بعد الطبيعة

قال ارسطو ......] انا لمضطرون ان نتصفح اولا المسائل الغامضة التى ينبغى لنا ان نذكرها فى العلم المطلوب هاهنا وهى التى ظن قوم فيها ظنونا مختلفة وغيرها مما غفلوا عنها فان اولية فعل الذين يريدون درك علم الاشياء ومبداها شدة الفحص عن المسائل الغامضة لان الدرك الذى من بعد هو حل المسائل الغامضة التى من قبل ولا يقدر ان يحل من جهل الرباط ونكول الفهم يدل على ان هذا هكذا لانه انما يصيب الناكل شبه مما يصيب الموثوق رباطا ولن يقدر الناكل الفهم ولا الموثوق رباطا ان يصيرا قدما ولذلك ينبغى ان نفحص اولا عن جميع المستصعبات لما قلنا ولانه من طلب معرفة شىء من قبل ان يفحص اولا عن غموضه يشبه الذين جهلوا مواضع اقدامهم على سواء السبيل ومع هذا ان من لم يعلم المطلوب لا محالة لم يعرف اذا اصيب فغاية الذين لا يفحصون عن الغوامض ليست معروفة وغاية الذين يفحصون عنها واضحة معروفة ومن الفضل ان يكون عند سامع جميع اقاويل المدعين والمنكرين قضايا مضطرة مقنعة لتفسير قصده فى هذه المقالة ان يتقدم فياتى بالاقاويل الجدلية التى تثبت الشىء الواحد بعينه وتبطله فى جميع المطالب العويصة فى هذا العلم اذ كان من تمام حصول العلم بالشىء اعنى العلم البرهانى ان يتقدم الانسان فيعرف الاقاويل المتناقضة فى ذلك الشىء ثم يعرف حلها من قبل البرهان الذى يكون فى ذلك الشىء وهذه هى عادة ارسطو فى جميع العلوم اعنى فى المسائل الغامضة منها وذلك ان شان هذه المسائل ان توجد فيها اقاويل مشككة فليس يعلم مقدارها فى الغموض ما لم يتقدم فتعلم باقاويل جدلية لكنه فى العلم الطبيعى راى ان الافضل فى التعليم ان يقدم الفحص الجدلى فى مطلوب مطلوب عندما يروم اقامة البرهان على ذلك المطلوب الواحد واما فى هذا الكتاب فراى ان يقدم الاقاويل الجدلية فى جميع المطالب العويصة التى فى هذه الصناعة ويفرد القول فيها على حدة ثم ياتى بالبراهين التى تخص مطلوبا مطلوبا فى الموضع اللائق به من مقالات هذا العلم ولعل الذى راى من ذلك فى هذا العلم هو الافضل فى التعليم فى هذا العلم لمشاركته لعلم الجدل فى عموم النظر والتباس الاقاويل البرهانية التى فيه كثيرا بالاقاويل الجدلية ولكون الموضوع للعلمين واحدا وهو الموجود المطلق ولاقتضاء طبيعة الاقاويل الجدلية ان تتقدم فى الترتيب الاقاويل البرهانية راى ارسطو ان يجعل هذا النحو من النظر جزءا مفردا براسه من اجزاء هذا العلم كما فعل فى الاسماء الدالة على المعانى المستعملة فى هذا العلم اعنى ان تكون تلك الاسماء عامة لجميع المعانى التى تستعمل فى هذا العلم فجعل هذا ايضا جزءا مفردا براسه بخلاف ما فعل فى سائر العلوم اعنى انه يشرح الاسماء الدالة على معنى معنى من المعانى التى يطلبها فى ذلك العلم عند النظر فى مطلوب مطلوب من المطالب التى يجب ان يشرح ما يدل عليه الاسم فيها واما فى هذا العلم فجعل الفحص عن جميع الاسماء فى مقالة واحدة لا لتمييز الاسم المشترك من غيره بل لاحصاء المعانى التى ينظر فيها هذا العلم وقد خالف نيقلاوش ترتيب الحكيم فى هذين المعنيين واجرى الامر فيه على ما اجراه هو فى العلم الطبيعى وظن انه قد سلك النظام الافضل فى ذلك والافضل هنا هو ما فعل ارسطو للسبب الذى قلناه فقوله انا لمضطرون ان نتصفح اولا المسائل الغامضة التى ينبغى لنا ان نذكرها فى العلم المطلوب يريد انه لما كان واجبا على كل من عزم ان يعلم الاشياء المطلوبة فى جنس جنس من العلوم ان يتصفح اولا المسائل الغامضة التى هى فى ذلك العلم ويفحص عنها فقد ينبغى ان نفعل ذلك فى هذا العلم وهذا الاضطرار هو لمكان حصول العلم الاتم لا ان هذا الترتيب هو ضرورى فى حصول العلم باطلاق بل حصول العلم التام الذى فى الغاية ثم ذكر اى مسائل هى هذه المسائل فقال وهى التى ظن قوم فيها ظنونا مختلفة وغيرها مما غفلوا عنه يريد وهذه المسائل هى التى اختلف فيها الناس فى هذا العلم لغموضها وغيرها من المسائل المتصعبة التى اغفلوا الفحص عنها ثم اتا بالعلة فى ابتداء الفحص عن هذه المسائل فقال فان اولية فعل الذين يريدون درك علم الاشياء ومبداها شدة الفحص عن المسائل الغامضة لان الدرك للذى من بعد هو حل المسائل الغامضة التي من قبل يريد والسبب فى وجوب الابتداء بالفحص عن المسائل الغامضة لان العلم المطلوب الذى يحصل بعد منها هو العلم الذى به ينحل الغموض الذى كان فى تلك المسائل من قبل الشكوك الواردة فيها وذلك ان المسائل التى فيها الشكوك من قبل الاقاويل المتعارضة فيها هى المسائل الغامضة او اكثر ذلك ولما ذكر ان سبب الابتداء بالفحص عن الاشياء الغامضة هو ان وقوع ذلك الغموض متقدم على ارتفاعه والجهة التى منها يقع الغموض غير الجهة التى منها يرتفع الغموض والجهة التى يقع منها الغموض شبيهة بالرباط والجهة التى ينحل بها الغموض شبيهة بحل الرباط قال ولا يقدر ان يحل من جهة الرباط ونكول الفهم يدل على ان هذا هكذا لانه انما يصيب الناكل شبيه بما يصيب الموثوق رباطا ولن يقدر الناكل الفهم ولا الموثوق رباطا ان يصيرا قدما يريد ولما كان من المعروف بنفسه انه لا يقدر احد ان يحل الرباط الذى يكون فى اعضاء الحركة من الجهة التى منها وقع الرباط وكان ما يصيب الفهم من النكول عند الاقاويل المتضادة فى الشىء شبيها بما يصيب المربوط وذلك انه كما لا يقدر المربوط ان ينهض اصلا الى الغاية التى يروم ان يتحرك اليها كذلك اذا لحق العقل الاقاويل المتضادة وجب ان تكون الطريق التى منها تنحل الشكوك غير الطريق التى منها تقع الشكوك كما ان الجهة التى منها يحل الرباط غير الجهة التى منها وقع الرباط وقوله ولذلك ينبغى ان نفحص اولا عن جميع المستصعبات لما قلنا يريد لما قلناه اولا من ان الطريق الى حصول العلم هو ان تقع اولا تلك الشكوك التى هى سبب غموضها ثم تنحل من قبل ان نسبة الشكوك من النفس نسبة الرباط من الاعضاء ونسبة العلم الحاصل بعد تلك الشكوك نسبة الحركة المطلوبة بعد حل الرباط ثم اتى بعلة اخرى فى الابتداء بالفحص عن الغموض التى فى المسائل فقال لانه من طلب معرفة شىء من قبل ان يفحص اولا عن غموضه يشبه الذين جهلوا مواضع اقدامهم على سواء السبيل يريد فانه من عرف الشىء قبل ان يعرف مقدار غموضه يشبه الذين تكون اقدامهم على السبيل المستقيمة وهم لا يعرفون ان اقدامهم عليها ثم قال ومع هذا ان من لم يعلم المطلوب لا محالة لم يعرف اذا اصيب يريد اذا لم يعلم مقدار ما يطلب لم يعرفه اذا اصابه ثم اكد هذا المعنى فقال ومع هذا فغاية الذين لا يفحصون عن الغوامض ليست معروفة وغاية الذين يفحصون عنها واضحة معروفة يريد ان من فحص عن الشىء وهو لا يعرف مقدار غموضه فان ما يطلب من معرفته غير معروفة عنده فهو ان اصابها لا يدرى هل اصابها ام لا واما الذى يعرف غموض الشىء فغايته التى تطلب وهى معرفة الغموض عنده معروفة فاذا وجدها عرف ما طلب لان المطلوب كان محصلا عنده ثم قال ومن الفضل ان تكون عند سامع جميع اقاويل المدعين والمنكرين قضايا مضطرة مقنعة يريد وايضا فان من الافضل للذى يريد ان يحكم بين المختلفين فى شىء ما ان يكون عارفا بالقضايا التى يستعملها المدعى والمنكر وهذا ايضا احد ما يضطر اليه من اراد ان يكون حكما فاضلا بين المختلفين يريد انه لذلك وجب هاهنا ان نقدم الاقاويل المتضادة فى الاشياء الغامضة

[2] Textus/Commentum

Page 171