قال ارسطو ومع ذلك فيقولون بسهولة ان الاجسام البسيطة هى المبدا لانهم لم يعتمدوا عند فحصهم عن كون بعضها من بعض سوى الارض اعنى النار والماء والهواء الا ان بعضها انما كان عن بعض على طريق الاجتماع وبعض على طريق الافتراق وهذه كانت حالها فى الاول فاما باخرة فانها تختلف اختلافا كثيرا التفسير يقول وكل القدماء يقول كانه امر سهل ان الاسطقس هو واحد من هذه الثلثة اعنى النار او الهواء او الماء سوى الارض مع انهم اعتمدوا فيما ادعى كل واحد منهم انه الاسطقس طريقا واحدا فلم يكن قول واحد منهم اولى من قول صاحبه اعنى قول من قال انه النار او الهواء او الماء والسبب فى ذلك انهم سلكوا فى ذلك طريقا مشتركا اى ليس دلالته على واحد منها انه اسطقس اولى من دلالته على الاخر وذلك ان كل من ادعى فى واحد منها سوى الارض انه الاسطقس فانما استدل على ذلك من كون الباقية تتكون منه اما على جهة الاجتماع واما على جهة الافتراق اى التكاثف والتخلخل الذى يعرض لها من قبل الاجزاء التى ركبت منها وذلك ان من قال ان الاسطقس هو النار فانما ذهب الى انه الاسطقس لان الباقية تتكون منها على جهة الاجتماع اى التكاثف وذلك ان هذا زعم ان النار اذا تكاثفت كان من ذلك هواء واذا تكاثف الهواء كان عنه ماء واما من ذهب الى انه الهواء فانه جعله اسطقسا بالوجهين جميعا اعنى التخلخل والتكاثف اى اذا تخلخل كان نارا واذا تكاثف كان ماء واما من اعتقد ان الاسطقس هو الماء فانه اعتقد ايضا انه اذا تكاثف كان ارضا واذا تخلخل كان هواء ولما لم يقل احد منهم ان الذى يخص الاسطقس هو التخلخل لم يقل احد منهم ان الارض هى اسطقس للباقية وقد كان يمكن ذلك على جهة هذا القياس وانما اراد ان وضع الكون بهذه الجهة يوجب ان يكون كل واحد منها اسطقسا للباقية وقوله فاما باخرة فانها تختلف اختلافا كثيرا˹ الظاهر من قوله انه راد عليهم فى جعلهم جهة الاختلاف بين الاسطقس وبين ما يتولد عنه من قبل التكاثف والتخلخل لان هذا ان سومح انه سبب لاختلاف الاسطقس وما يتولد عن الاسطقس الاول من الاجسام الاربعة كان للقول بذلك وجه ومساغ واما اذا سئل عن الاختلاف الذى يكون باخرة بين الموجودات وبين هذه الاجسام البسائط والمركبات منها لم يسغ لاحد ان ياتى بعلة من قبل التكاثف والتخلخل وذلك ان الاشياء التى نجدها تتولد عن الاسطقسات الاربعة نجدها تخالف الاسطقسات اختلافا كثيرا وتخالف المركبات ايضا منها بعضها لبعض اختلافا كثيرا ليس يمكن ان يقال فيه انه من قبل التخلخل والتكاثف لان هذه كلها تخالف بعضها بعضا بالماهية والحد مثل مخالفة اللحم والعظم للاسطقسات الاربعة ومثل مخالفة العظم للحم ويبعد ان يكون هذا القول حكاية عنهم وعذرا عما يلزم لهم من هذا الشك اعنى قوله واما باخرة فانها تختلف اختلافا كثيرا˹ كانهم قالوا اما اختلافها فى انفسها فيكون يسيرا من قبل ان اختلافها انما هو بالتكاثف والتخلخل الغير مضاعف البسيط فاما باخرة اذا تولدت منها الموجودات فانها تختلف اختلافا اكثر لكثرة اختلاط انواع التكاثف والتخلخل الموجود فى البسائط لاكن نسبة كل واحد من هولاء الموجودات الى الطبيعة التى كان يعتقد من هذه الاربعة انها الاسطقس تدل على انهم ما كانوا يعتذرون عن قولهم مثل هذا الاعتذار اعنى ان من كان يقول ان الاسطقس هو النار كان يقول ان ماهية الموجودات كلها هى النار وانها تصير باخرة نارا وكذلك قول من قال ان الاسطقس هو الهواء او الماء
[13] Textus/Commentum
Page 84