قال ارسطو فاما بعض المتكلمين فيرومون ايضاح الحق وباى نوع ينبغى ان يعلم الحق ولكنهم لا يقدرون على ذلك وانما يفعلون هذا الفعل لانهم لا يعرفون الانالوطيقى لانه ينبغى لمتعلم الحق ان يعرف اولا هذه الاشياء ولا يطلبها اذا سئل عنها فمعلوم من هذه الاوائل ان للفيلسوف النظر فى الاشياء التى هى ارفع من جميع الجواهر على حقيقتها وله ان يفحص عن اوائل القياس وينبغى لمن كانت عنده معرفة جنس من الاجناس ان يقوى ان يخبر ما اوائل ذلك الجنس الثابتة بالحقيقة ولذلك ينبغى لمن كانت عنده معرفة الهويات على كنهها ان يقوى ان يخبر ما اوائلها بالحقيقة والفيلسوف هو الذى عنده معرفة الهويات على كنهها وهو يقوى ان يخبر بالاوائل بالحقيقة والاول بالحقيقة الذى هو اثبت من سائر الاوائل هو الذى ليس يمكن فيه انخداع لانه باضطرار ينبغى ان يكون هذا الاول واضحا جدا معروفا فان جميع الناس يخدعون فى الشىء الذى لا يعرفونه وينبغى للذى عنده معرفة شىء من الهويات ان يعلم الاول على الحقيقة بغير ابافاسيس لان هذا الاول ليس له ابافوسيس بل باضطرار ينبغى ان يعترف به الذى عنده معرفة الهوية لان ذلك يلزمه اضطرارا فمعلوم ان الاول بالحقيقة الثابت اكثر من سائر الاوائل هو ما وصفنا وسنخبر ما هذا الاول عن قليل التفسير لما بين ان لهذا العلم النظر فى اوائل المعرفة يريد ان يبين النحو من المعرفة الذى يمكن ان يكون للاوائل والنحو الذى لا يمكن فيها وابتدا او لا يعرف النحو الذى لا يمكن فيها وهو ان تعلم هذه الاوائل ببرهان فقال فاما بعض المتكلمين فيرومون ايضاح الحق يريد فاما بعض المتكلمين فى العلوم النظرية فيرومون ان يبرهنوا على المقدمات الاول وهؤلاء هم الذين يقولون ان لكل شىء برهانا وهم الذين ذكرهم فى كتاب البرهان وهم الذين يلزمهم اما الدور واما مرور البرهان الى غير نهاية وقوله وباى نوع ينبغى ان نعلم الحق يريد انهم كانوا يطلبون باى مقدمات وباى اوائل ينبغى ان نعرف وجود الحق فى المقدمات الاول ثم قال ولكنهم لا يقدرون على ذلك يريد من قبل انهم لا يجدون مقدمات اعرف من المقدمات الاول ولانهم متى راموا ذلك لزمهم الدور او المرور فى البيان الى غير نهاية ثم اعطى السبب فى جهلهم فقال لانهم لا يعرفون الانالوطيقى يريد لانهم لا يعرفون ما قيل فى كتاب البرهان من صفات المقدمات الاوائل وجهلهم بما قيل فى الفرق بين المعروف بنفسه والمعروف بغيره ثم اخذ يذكر الجهة التى ينبغى لمتعلم الحق ان يعرف من هذه الاوائل فقال لانه ينبغى لمتعلم الحق ان يعرف اولا هذه الاشياء ولا يطلبها اذا سئل عنها يريد لا كن الذى ينبغى ان يعرف طالب الحق من هذه الاوائل هو ان يعرف انواعها والفرق الذى بينها وبين غيرها وذلك بان تكون عتيدة عنده معروفة اذا سئل عنها ولا يكون فى حد من يطلبها اذا سئل عنها اى لا يروم بيانها واستنباطها عندما يسئل عنها ثم اخذ يذكر ان الفيلسوف هو الذى ينظر منها فى هذه الاشياء فقال فمعلوم من هذه الاقاويل ان للفيلسوف النظر فى الاشياء التى هى ارفع من جميع الجواهر على كنهها وله ان يفحص عن اوائل القياس يريد ومعلوم انه لما كان للفيلسوف النظر فى الجوهر الاول الذى هو ارفع الجواهر كذلك له ايضا النظر فى الاشياء التى هى اتم صدقا من غيرها وارفع وهى اوائل القياس لان القياس هو احد الهويات التى ينظر فيها صاحب هذا العلم ولذلك يجب عليه ان ينظر فى اوائل هذه الهوية التى هى القياس والمقدمات اذ شانه النظر فى اوائل الهويات ثم اخذ يبين هذا المعنى بوجه اخر فقال وينبغى لمن كانت عنده معرفة جنس من الاجناس ان يقوى ان يخبر ما اوائل ذلك الجنس الثابتة بالحقيقة ولذلك ينبغى لمن كانت عنده معرفة الهويات على كنهها ان يقوى ان يخبر باوائلها بالحقيقة يريد وكما ينبغى لمن كانت عنده معرفة جنس من الاجناس ان يكون قويا على معرفة اوائل المعرفة فى ذلك الجنس ومراتبها فى المعرفة كذلك ينبغى للناظر فى الموجود بما هو موجود ان يكون قويا على معرفة اوائل المعرفة بما هى معرفة لا اوائل معرفة ما ثم قال والاول بالحقيقة الذى هو اثبت من سائر الاوائل هو الذى ليس يمكن فيه انخداع يريد وينبغى ان يعرف ان الاول من هذه الاوائل الذى هو اعرف من جميعها بما هى معروفة بنفسها هو معروف بنفسه وهذا الاول هو الذى ليس يمكن فيه انخداع ولا غلط اصلا وهذا الذى قاله بين بنفسه فانه كما انه يجب على صاحب هذا العلم ان ينسب كل جنس من اجناس الموجودات الى الاول فى ذلك الجنس وان يعرف ما هو الاول كذلك يجب عليه اذا نظر فى المقدمات الاول ان يعرف الاول منها الذى هو سبب التصديق فى جميعها وان ينسب جميع ما فى ذلك الجنس الى ذلك الاول ولما قال ان الاول فى المبادى هو الذى ليس يمكن فيه انخداع اتا بالسبب فى ذلك فقال لانه باضطرار ينبغى ان يكون هذا الاول واضحا بينا جدا معروفا فان جميع الناس يخدعون فى الشىء الذى لا يعرفونه يريد وانما رسمنا الاول فى المعرفة بانه الذى ليس يمكن فيه انخداع اصلا لانه باضطرار ان يكون هذا الاول واضحا لنا بينا اكثر من سائر الاشياء وما هذا شانه فليس يمكن فيه انخداع لان الانخداع انما يعرض للناس فى الشىء الذى لا يعرفونه او لا تكون معرفته واضحة جدا ثم قال وينبغى للذى عنده معرفة شىء من الهويات ان يعلم الاول على الحقيقة بغير ابافوسيس لان هذا الاول ليس له ابافوسيس يريد وينبغى للذى يعرف ... الاول على الحقيقة من قبل انه ليس له نقيض فان الاول نقيضه كاذب ثم قال بل باضطرار ينبغى ان يعترف به الذى عنده معرفة الهوية لان ذلك يلزمه باضطرار يريد لان من قبله حصلت له معرفة الهويات وبالجملة كل من عنده علم او يزعم ان عنده علما فانه يلزمه ان يعترف بهذا المبدا ثم قال فمعلوم ان الاول بالحقيقة اكثر من سائر الاشياء هو ما وصفنا وسنخبر ما هو الاول عن قليل يريد واذ قد تقرر هذا فمعلوم ان الاول بالحقيقة الذى هو اكثر صدقا من سائر الاشياء فينبغى ان يكون بالوصف الذى ذكرنا يعنى الا يكون مما يمكن ان يبين بغيره وان يكون وضوحه فى الغاية حتى لا يمكن ان يعرض فيه انخداع وان يكون غيره يبين به وسنبين اى مبدا هو الذى هو بهذه الصفة
Page 345