105

Sharh Ma Bacd Tabica

شرح ما بعد الطبيعة

قال ارسطو واما الواحد والهوية اذا كانا شيئا واحدا وكان لهما طباع واحد فاتباع كل واحد منهما لصاحبه كاتباع الاول والعلة بعضها بعضا وليس لان حدا واحدا يدل على كليهما فلا فصل فيما بينهما وان ظننا مثل هذا الظن لان قول القائل انسان واحد او انسان هو او انسان هذا يدل على شىء واحد ولا يدل على اشياء مختلفة اذا كررها فمعلوم بان الكلمة التى تقول انسان هو او انسان واحد لا تدل على اشياء مختلفة اذ لا فرق بين قول القائل انسان هو او انسان لا فى الكون ولا فى الفساد وكذلك القول فى الواحد ايضا فمعلوم ان الزيادة فى هذه تدل على شىء واحد ولا يدل الواحد على شىء اخر غير الهوية وايضا نقول ان جوهر كل واحد من الاشياء واحد لا بنوع العرض ولذلك نقول ان جوهر كل شىء هوية فمعلوم ان صور الواحد على عدد صور الهوية ولعلم واحد النظر المطلق فى هذه الصور ومعرفة ما هى اعنى ان لعلم واحد النظر فى المتفق والشبيه وسائر الاشياء التى تشبه هذه وغيرها وفى الجملة تنسب جميع الاضداد الى هذا العلم الاول التفسير لما بين ان لعلم واحد النظر فى الموجود بما هو موجود وانه هو الناظر منها فيما هو اشد تقدما فى الوجود وذلك بان تطلب ايضا اسبابه وعلله الاول وهو الجوهر وعلل الجوهر يريد ان يبين ايضا ان لهذا العلم بعينه النظر فى الواحد فقوله واما الواحد والهوية اذا كانا شيئا واحدا او كان لهما طباع واحد الى قوله فلا فصل فيما بينهما يريد واما ما يدل عليه الواحد فان النظر فيه لهذا العلم ايضا لانه اما ان يكون الواحد والهوية يدلان على معنى واحد من جميع الجهات اعنى بالحد والموضوع واما ان يكون كل واحد منهما منعكسا على صاحبه ولازما له من قبل انهما يدلان على طبيعة واحدة بالموضوع اثنان بالحد مثل الاول والعلة فانه لا فصل بين ما نقصد هاهنا من امره من هذا الاعتقاد اعنى انه كيف ما كان الامر فى ذلك فان الواحد ينظر فيه الذى ينظر فى الموجود وان ظننا ان حدهما مختلف فانه من المعلوم بنفسه انهما متلازمان تلازما تاما اعنى المنعكس وذلك ان كل ما هو موجود فهو واحد وكل ما هو واحد فهو موجود وهذا هو الاتباع الذى ذكره ولما ذكر انه لا فرق بين هذين الاعتقادين فى الواحد والهوية اعنى فى انه يجب ان يكون الناظر فيهما علم واحد اخذ يعرف دلالتهما على طباع واحد غير متغاير بالصورة وان كان متغايرا بالنحو والجهة فقال لان قول القائل انسان واحد او انسان هو او انسان هذا يدل على شىء واحد ولا يدل على اشياء كثيرة مختلفة اذا كررها يريد وانما وجب ان يكون الواحد والموجود يدل على طباع واحد لا على طبيعتين مختلفتين من قبل ان المفهوم من قولنا انسان واحد وانسان هو اى موجود وهذا انسان هو طبيعة واحدة عندما نكرر هذه الالفاظ وان كانت تدل منها على احوال مختلفة ثم قال موكدا لهذا المعنى̚ فان الكلمة التى تقول انسان هو او انسان واحد لا تدل على اشياء مختلفة اذ لا فرق بين قول القائل انسان هذا او انسان لا فى الكون ولا فى الفساد يريد انه كما انه من الظاهر انه لا فرق بين قولنا هذا انسان او هذا انسان لا فى الكون ولا فى الفساد كذلك الامر فى قولنا هذا انسان وهذا انسان واحد اعنى انه كما لا يتعدد الموضوع فى قولنا هذا انسان وهذا انسان لا فى الكون ولا فى الفساد لكون قولنا لا فى الكون ولا فى الفساد سلبين للانسان كذلك الامر فى قولنا هذا انسان وهذا انسان واحد لان اسم الواحد انما يدل منه على سلب وهو عدم الانقسام وقد غلط ابن سينا فى هذا غلطا كثيرا فظن ان الواحد والموجود يدلان على صفات زائدة على ذات الشىء والعجب من هذا الرجل كيف غلط هذا الغلط وهو يسمع المتكلمين من الاشعرية الذين مزج علمه الالاهى بكلامهم يقولون ان من الصفات ما هى صفات معنوية ومنها ما هى صفات نفسية ويقولون ان الواحد والموجود هما راجعان الى الذات الموصوفة بهما وليست صفات دالة على امر زائد على الذات كالحال فى الابيض والاسود والعالم والحى واحتج هذا الرجل لمذهبه بان قال انه لو كان الواحد والموجود يدلان على معنى واحد لكان قولنا الموجود واحد هذر بمنزلة قولنا الموجود موجود والواحد واحد وهذا انما كان يلزم لو قيل ان قولنا فى الشىء الواحد انما هو موجود وواحد يدلان على معنى واحد من جهة واحدة ونحو واحد وانما قلنا انهما يدلان على الذات الواحدة على انحاء مختلفة لا على صفات مختلفة زائدة عليها فلم تفترق عند هذا الرجل الدلالات التى تدل من الذات الواحدة على انحاء مختلفة من غير ان تدل على معان زائدة عليها من الدلالات التى تدل من الذات الواحدة على صفات زائدة عليها اى مغايرة لها بالفعل وانما غلط هذا الرجل امور منها انه وجد اسم الواحد من الاسماء المشتقة وهذه الاسماء تدل على عرض وجوهر ومنها انه ظن ان اسم الواحد يدل على معنى فى الشىء عادم للانقسام وان ذلك المعنى غير المعنى الذى هو طبيعة ومنها انه ظن ان هذا الواحد المقول على جميع المقولات هو الواحد الذى هو مبدا العدد والعدد عرض فاعتقد ان اسم الواحد يدل من الموجودات على عرض والواحد الذى هو مبدا العدد انما هو من الموجودات التى يقال عليها اسم الواحد وان كان احقها بهذا كما ستعرفه فى المقالة التاسعة من هذا الكتاب وقوله فمعلوم ان الزيادة فى هذا تدل على شىء واحد ولا يدل الواحد على شىء اخر غير الهوية يعنى بالزيادة زيادتنا واحد وموجود على الشىء الواحد بعينه مثل قولنا هذا انسان وهذا انسان واحد وفى مثل قولنا هذا انسان وهذا انسان لا فى الكون ولا فى الفساد وانما كانت الدلالتان واحدة لان قولنا هذا انسان يدل على انسان واحد بتضمين فاذا صرح باسم الواحد لم يكن فرق بين الدلالتين الا ان الواحدة دلت بتضمين والاخرى بتصريح ثم اتى بحجة اخرى يبين منها ان الواحد يدل من الشىء الموصوف به على طبيعته لا على امر زائد عليه فقال وايضا فان جوهر كل واحد من الاشياء واحد لا بنوع العرض يريد وايضا فمما يدل على ان الواحد ليس يقال على شىء زائد على الموصوف به ان جوهر كل واحد من الاشياء هو واحد بالذات لا لامر زائد عليه وذلك انه لو كان الشىء واحد بامر زائد على ذاته كما يذهب لذلك ابن سينا لم يكن شىء من الاشياء واحد بذاته وجوهره بل بشىء زائد على جوهره وذلك الشىء الذى صار به واحدا ان قيل فيه انه انما صار واحدا بمعنى زائد على ذاته فقد سئل ايضا فى ذلك الشىء الذى به صار واحدا بماذا صار واحدا فان كان ذلك الامر بمعنى زائد عليه عاد السؤال فيه ومر الامر الى غير نهاية ثم قال ولذلك نقول ان جوهر كل واحد هويته يريد ولذلك نقول ان جوهر كل واحد الذى هو به واحد هو هويته التى بها صار موجودا ثم قال فمعلوم ان صور الواحد على عدد صور الهوية يريد فقد تبين من هذا القول ان الصور التى يدل عليها الواحد هى على عدد الصور والطبائع التى يدل عليها الهوية والموجود اى كلاهما يدل على المقولات العشر ثم قال ولعلم واحد النظر فى هذه الصور ومعرفة ما هى يريد وهو ايضا بين ان لعلم واحد النظر فى جميع هذه الصور وفى خواصها ولواحقها ولذلك قال بعد هذا ˺اعنى ان لعلم واحد النظر فى المتفق والشبيه وسائر الاشياء التى تشبه هذه وغيرها وفى الجملة تنسب جميع الاضداد الى هذا العلم الاول يريد ان هذا العلم ينظر فى المتفق والمختلف والشبيه وغير الشبيه والهوهو والمساوى وغير المساوى وبالجملة فهو ينظر فى جميع الاضداد ويرقيها الى الاضداد الاول اذ كانت جميع الاضداد لواحق الموجود بما هو موجود وكان نظر هذا العلم فى الاسباب الاول فى كل واحد من هذه الاشياء

[4] Textus/Commentum

Page 316