Sharḥ Lumʿat al-Iʿtiqād liʾl-Maḥmūd
شرح لمعة الاعتقاد للمحمود
Genres
إحاطة السماء بالأرض لا تستلزم أن يكون الله في كل جهة
وهنا أحب أيضًا أن أشير إلى مسألتين: الأولى منهما: قد يقول قائل: أنا حينما أتجه جهة الأمام فأنا أتجه إلى جهة السماء، ولو اتجهت إلى الأرض مخترقًا الأرض فأنا أيضًا أتجه إلى جهة السماء.
فنقول له: أنت حينما تطلب أمرًا تأتيه من أقرب الطرق إليه، فالإنسان مفطور على ذلك، فهذا الذي يتجه إلى هذه الجهة يطلب ربه ﷾ في السماء مثل ذلك الذي أراد أن يحج من الرياض -مثلًا- فقال: أذهب إلى دمشق ثم أذهب إلى مكة! فنقول له: حينما تذهب إلى دمشق ثم تتجه إلى مكة ستصل إلى مكة، لكن ستوصف بالجنون أو ضعف العقل؛ لأن الذاهب إلى مكة يجب أن يذهب إليها من أقرب الطرق إليها، ولما كان الله ﷾ العليم الخبير، وهو سبحانه معبودنا وإلهنا نحبه ونتوجه إليه، فإننا نبحث عن أقرب الطرق إليه، وبحثنا عن أقرب الطرق إليه ﷾ إنما يكون بأن نتجه إلى السماء في جهة العلو، فمن طلبه متفلسفًا بطرق معينة فهو شبيه بمن يريد أن يذهب من الرياض إلى مكة عن طريق المغرب أو عن طريق أفغانستان أو غير ذلك.
إذًا: ونحن على الأرض نطلب ربنا في السماء، ولا يأتي إنسان ويطلب ربه في جهة أخرى زاعمًا أنه يمكن أن يصل إلى هذا الأمر بطريقة معينة، وإنما يطلبه من أقرب الطرق إليه.
6 / 6