Sharh Li Wasail Wusul
شرح عبد الرحيم الطبيب لكتاب وسائل الوصول إلى مسائل الفصول لإبراهيم الكيشي
Genres
بسم الله الرحمن الرحيم. وإياك نستعين في الأمور يا كريم. نحمدك يا من بيده تدبير الأمور وتصريف الفصول والدهور. يا كافي المعلولات والعلل وشافي الأمراض والعلل، صل على من اصطفيته من عبادك الموقنين وأنزلت عليه من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين.
وبعد فيقول الأستاذ العلامة قدوة الحكماء المحققين، وأسوة العلماء المدققين، عماد الله والملة والدين، مولانا عبد الرحيم الطبيب سقى الله تربته صوب الرضوان وأسكنه بحبوحة الجنان،
هذه حواش كتبناها على وسائل الوصول إلى مسائل الفصول من مؤلفات المولى المعظم، عز الملة والدين إبراهيم الكيشي تغمده الله بغفرانه،
قال بعد ذكر الخطبة:
* المقالة (1) 1
1
[aphorism]
قال أبقراط: العمر قصير والصناعة طويلة والوقت ضيق والتجربة خطر والقضاء عسر
[commentary]
أقول: معنى أبقراط في لغة اليونانيين زاد الصحة. ووسم به لكثرة معالجاته المنجحة وكان أبرقليدس جده الثاني عشر. واليونانيون يعتقدون أنه يوحى إليه بالطب * وكانوا (2) يستشفون المرضى عند ضريحه بدعاء وكل ليلة يوقدون عند قبره ألف قنديل وصوروه على فوق قبره وفي يده شجرة الخطمي كأن في هذه الشجرة خاصية أو سرا لم نقف عليه إلى الآن. والعمر لغة البقاء وفي العرف عبارة عن ظهور آثار النفس الناطقة في بدن الجنين وهو الزمان الذي ينفصل بعض الأعضاء عن البعض انفصالا ما، ويرشح إليه قسط وافر من الدم الحيواني والطمثي إلى وقت مفارقتها عنه وهو متناه لضرورة الموت وهو انقطاع علاقة النفس من الجسد لفناء الرطوبة الغريزية أو لغيره. ولا شك في أن العمر قصير إذ الغالب بين ستين وسبعين سنة وهذه العشرة سميت بالقطاعة والعرب سموها دقاقة PageVW2P003A الرقاب. PageVW0P002A والصناعة ملكة نفسية يقتدر بها الإنسان على استعمال موضوعات ما نحو غرض من الأغراض على سبيل الإرادة صادر عن بصيرة بحسب الممكن. والألف واللام للعهد أي صناعة الطب طويلة لأنها تتغير بتغيرات أبداننا وهي متجددة ساعة فساعة ضرورة استمرار التحلل. والوقت الزمان القصير والمراد به الزمان الذي يمكن بقاء البدن على حاله أي لا يزيد ولا ينقص وهذا لا يكون إلا في زمان الوقوف ولا شك أن هذا الوقت ضيق بالنسبة إلى جميع عمره بل وغير موجود عند المحققين. والتجربة يقال على معنيين أحدهما امتحان فعل ما يرد على بدن الإنسان من غير قياس يؤدي إليه ولا قانون وأصل. ولا شك أن فيها خطرا. وثانيهما اعتبار ما علم من القوانين الكلية في المشاهدات الجزئية وهذه التجربة خالية عن الخطر بل هي مؤدية إلى المطلوب. والقضاء المراد به الحكم على المريض بما يؤول إليه من صحة أو هلاك والدليل على عسره بقاء الاختلاف فيه على مرور الأيام. وقيل المراد به القياس وهو عسر لأن صناعة القياس في نفسها عسرة والقياس عبارة عن الاستدلال بما يظهر على ما يخفى، وعبر عنه بالقضاء للزومه إياه وسبب تصدير الكتاب بهذا الفصل الاعتذار عن طرف الطبيب إذا أخطأ أو الترغيب في تحصيله وصرف العمر في طلبه أو امتحان همة الطبيب على ماقيل.
Unknown page
2
[aphorism]
قال: قال أبقراط: يجب على المريض طاعة الطبيب وأن لا يخبر بما يزيد في مرضه بل بما ينقصه.
[commentary]
أقول: يجب على المريض طاعة الطبيب بشرب الدواء وتناول الغذاء وسائر المعالجات ويجب أن لا يخبر المريض بشيء يزيد في مرضه من أمر خارج مفسد لمزاج PageVW0P002B العليل نحو الأشياء التي تحزنه PageVW2P003B أو تهيج غضبه إلى غير ذلك بل يخبر المريض بشيء ينقص مرضه كقول الطبيب أن هذا المرض سهل ولا خوف فيه والقوة قوية، وهذا اليوم بالنسبة إلى الأيام الماضية * جيد (3) إلى غير ذلك لا كما تقوله أطباء هذا الزمان.
3
[aphorism]
قال: قال أبقراط: السمن المفرط لذوي الرياضة خطر لحاجتهم إلى الغذاء المضر بهم ضرورة فيجب أن يبادر إلى استفراغهم بحسب الاحتمال وأن لا يبالغ في كل استفراغ وتغذية.
[commentary]
* أقول (4) : السمن ازدياد حجم اللحم أو الشحم أو هما معا في الأقطار الثلاثة ويقابله الهزال والفرق بينه وبين النمو أنه ازدياد الأعضاء كلها في الأقطار الثلاثة بحسب مقتضى الطبيعة ويقابله الذبول. والمراد بذوي الرياضة مثل الحمالين والمصارعين. والرياضة حركة إرادية تضطر إلى التنفس العظيم المتواتر ولا شك أنها شديدة التسخين سيما رياضة هؤلاء وهي موجبة لانبساط الرطوبات وزيادة حجمها بسبب التسخين وفي ذلك خطر لأنها تضطر إلى انشقاق عرق أو حدوث ضيق نفس أو انصباب الدم إلى بعض الأفضية سيما فضاء القلب إذ ليس في البدن تجويف تفضي إليه العروق التي يسبح فيها الدم إلا تجويف القلب. قوله "لحاجتهم" أي لكثرة حاجة ذوي الرياضة إلى الغذاء الكثير بسبب كثرة التحليل، والغذاء الكثير مضر بهم ولا ينفذ في عروقهم لضيقها وفرط امتلائها فيفسد ويفسد الأخلاط فحينئذ يجب أن يبادر إلى استفراغ هؤلاء لغرضين أحدهما الأمن عما ذكر، وثانيهما تمكن البدن من استعمال * الأوردة (5) فلا يعرض إفساد، وأن لا يبالغ في استفراغ هؤلاء إلى حد الإفراط لئلا يلزم خروج كثير من الأرواح، وأن لا يبالغ في التغذية بعد الاستفراغ لئلا تخور القوة مع ضعفها بالاستفراغ إذا حمل عليها أكثر مما تحتمله PageVW2P004A ويمكن أن يكون PageVW0P003A معناه عاما ليشمل هؤلاء وغيرهم من الأصحاء والمرضى ويشمل أنواع الاستفراغات.
Unknown page
4
[aphorism]
قال: قال أبقراط: التدبير البالغ في اللطافة مذموم في الأمراض المزمنة وكذا البالغ فيها إلى القصوى في الحادة إذا لم يحتمله المريض.
[commentary]
أقول: الأمراض جمع المرض. وهو هيئة غير طبيعية تصدر عنها بالذات آفة في الفعل وجوبا أوليا. وهو ينقسم إلى حاد ومزمن، فالحاد ما اشتمل على خطر مع قلة زمانه وقيل هو الذي يكون مع سرعة انقضائه عظيم الخطر ولذلك لا تكون الحمى اليومية مرضا حادا. والمزمن ما يكون زمانه طويلا أعم من أن يكون مع خطر أو لا. والمرض الحاد له امتداد وينمى بين الإفراط والتفريط فالحاد في الإفراط حاد في الدرجة الأولى وفي التفريط حاد في الدرجة الرابعة وإلى الإفراط حاد في الدرجة الثانية وإلى التفريط حاد في الدرجة الثالثة. والحاد في الأول ينقضي في الدور الأول من الرابوعات أي ينقضي إلى اليوم الرابع من المرض والحاد في الثانية ينقضي في الدور الأول من السابوعات أي تكون غايته سبعة أيام، والحاد في الثالثة ينقضي في البحران الثاني من السابوعات أي غايته أربعة عشر يوما، والحاد في الرابعة ينقضي في الثالث منها أي غايته عشرون يوما. وأما الأمراض التي تنقضي فيما بين عشرين وأربعين فهي من المتوسطات بين الحاد والمزمن، ومآل الجميع إما إلى البرء أو العطب. وقد علم بذلك أن المرض المزمن هو الذي يكون ابتداؤه من الأربعين أعم من أن يكون انقضاؤه إلى البرء أو العطب. والتدبير في اللغة PageVW2P004B التصرف والأطباء يطلقونه على معنيين أحدهما التصرف في الأسباب الضرورية لأنها أولى بأن يتصرف فيها، وثانيهما التصرف في الغذاء PageVW0P003B من جهة ما يقلل ويكثر ويلطف ويغلظ لأنه أولى بأن تتصرف فيه من باقي الضروريات وهذا مراد أبقراط ههنا. والغذاء أربعة: اللطيف البالغ في اللطافة كالفراريج ومرقة اللحم للأصحاء والسويق وماء الشعير المتوسط للمرضى، واللطيف البالغ في اللطافة إلى الغاية القصوى كأمراق الدجاج وأطراف الفراريج للأصحاء والجلاب وماء الشعير الرقيق للمرضى، واللطيف جدا كالدجاج وأطراف الأجدية للأصحاء وأمراق الفراريج وثخين ماء الشعير للمرضى، واللطيف مطلقا كلحم الجداء وأطراف الضأن للأصحاء وأطراف الفراريج للمرضى. إذا ثبت هذا فنقول الغذاء البالغ في اللطافة مذموم في جميع الأمراض المزمنة لأن موادها غليظة عسرة الانفعال محتاجة إلى تعب الطبيعة فلا تتمكن من دفعها إلا إذا كانت القوة قوية جدا وهذا لا يمكن إلا في مدة طويلة والقوة لا تفي بها إلى المنتهى مع التدبير البالغ في اللطافة فلا جرم صار فيها رديئا. قوله "وكذا البالغ" إلى آخره أي كذلك التدبير البالغ في اللطافة إلى القصوى في الأمراض الحادة أيضا رديء إذا لم يحتمله المريض أي إذا لم يحتمل أن يبقى به عند المنتهى وافية تدفع المرض ومتى احتمل المريض فالأولى به التدبير المذكور بخلاف التدبير في حال الصحة فإنه أكثر ضررا لأن قوى الصحيح متوفرة، وإنما لم يشرط هذا الشرط في الأمراض المزمنة لأنه لا يوجد فيها ما تحتمل فيه القوة التدبير البالغ في اللطافة.
5
[aphorism]
قال: قال أبقراط: التدبير اللطيف أكثر ضررا مطلقا في PageVW2P005A أكثر الحالات مما هو أغلظ منه قليلا.
[commentary]
* أقول (6) : التدبير اللطيف ضرره أكثر مطلقا أي في الأصحاء والمرضى في أكثر الأحوال مما هو فيه قليل غليظ كالباقين، وإنما قال قليلا لأنه إذا كان كثيرا لا يجوز في أكثر الحالات، وقيد بقوله في أكثر الحالات PageVW0P004A لأن بعضهم واقع في الأمراض المزمنة وبعضهم في الحادة وبعضهم في المتوسطة بينهما. ولا تحتمل القوة فيه هذا التدبير اللطيف ولا شك أن التدبير اللطيف مضر للجميع سيما في الأصحاء فإن قلت قد علم من الفصل المتقدم أن التدبير اللطيف والبالغ في اللطافة مذموم وعلم هذا الحكم من هذا الفصل أيضا، وأحد الفصلين مغن عن الآخر ففيه تكرار، قلت التكرار مندفع لوجهين أحدهما أن التدبير ههنا بمعنى التصرف في الستة الضرورية وثم مختص بالغذاء وثانيهما أن هذا الفصل مختص بالتدبير اللطيف وذلك بالتدبير البالغ في اللطافة وأحدهما غير الآخر.
Unknown page
6
[aphorism]
قال: قال أبقراط: أجود ما في القصوى من المرض التدبير المقابل له.
[commentary]
أقول: أجود التدبير في المرض * الحاد (7) الذي في الغاية القصوى من اللطافة وذلك لأن المرض إنما يكون كذلك إذا كان ينقضي في الرابع وإذا كان كذلك لا تخاف فيها من انحلال القوة لقرب المنتهى.
7
[aphorism]
قال: قال أبقراط: في المرض الحاد جدا تظهر علامات قوة المرض في الأول وبحسب لينه يغلظ التدبير وفي المنتهى يترك الغذاء.
[commentary]
أقول: العلامات والأعراض والدلائل بمعنى واحد عرفوها بأنها هي التي تكون تابعة للمرض وفي عرف الأطباء عبارة عن ضرر الفعل لكن يختلف باعتبارات فإنه يسمى دليلا بالنسبة إلى الطبيب وعرضا بالنسبة PageVW2P005B إلى المرض وعلامة بالنسبة إليهما. والحق أن العلامة أعم من العرض لأن العلامة تكون للصحة والمرض بخلاف العرض فإنه لا يكون إلا للمرض. وإن العلامة عند المحققين أعم من الدليل أيضا، وعند الأطباء لا فرق بينهما. والأول يقال على معنيين أحدهما المبدأ الذي لا جزء له وهو أول الإحساس بظهور المرض، وثانيهما الأيام الثلاثة من ظهور المرض والمراد ههنا الثاني دون الأول. والغذاء اللطيف ما من شأنه عند فعل حرارتنا فيه أن يحصل منه دم رقيق في البدن والغليظ ما يقابله أي يحصل منه دم متين. ومعنى الفصل أن في المرض الحاد إذا ظهر من ابتداءه العلامات التي تدل على النضج وتنذر بالبحران يجب تلطيف الغذاء في الغاية القصوى لتشتغل الطبيعة بمقاومة المرض ولا تشتغل بالغذاء. وبحسب لين المرض يغلظ التدبير، أي وإن لم يكن المرض في الغاية القصوى PageVW0P004B لكن دونها فيجب أن تغلظ بحسب ذاك وفي المنتهى ترك الغذاء لتشتغل الطبيعة بالمقاومة.
Unknown page
8
[aphorism]
قال: قال أبقراط: لينظر أقوة المريض تبقى إلى المنتهى أم لا.
[commentary]
أقول: يجب على الطبيب أن ينظر أن قوة المريض توافي إلى أن ينتهي المرض أو لا فإن كان الأول يدبر بالغذاء اللطيف، وإن كان الثاني غلظ التدبير. لأن إعطاء الغذاء لبقاء القوة لا لدفع المرض فمتى علم أنها تبقى إلى المنتهى ينبغي أن يمنع الغذاء أو يقلل لئلا يكون وبالا على الطبيعة. وقد شبه قوة المريض بالحمال وقوة المرض بالحمل الذي يحمله ومدة المرض بالمسافة التي يسلكها حاملا للثقل. ومن البين أن القوة متى كانت متوفرة بحيث تشتغل بالحمل PageVW2P006A طول المسافة بلغ المقصد وإلا فلا.
9
[aphorism]
قال: قال أبقراط: في الحمى الدائرة يترك الغذاء في النوبة لإضراره فيها إلا عند الضرورة. وعند مغص أو غثي يستفرغ.
[commentary]
أقول: الحمى حرارة غريبة تنبعث من أوعية الروح إلى جميع البدن وهي إما دائمة أو دائرة وتسمى ذات النوبة. وسبب دوامها حصول المادة في داخل العروق وكثافة محل المادة وسريان العفونة إلى ما يجاورها وشدة اتصالها بالقلب وسبب دورها مقابلات ذلك. والحمى الدائرة لا تكون إلا عفنية، والحمى الدموية تكون دائمة * أبدا، والصفراوية والبلغمية والسوداوية قد تكون دائمة (8) ودائرة، والمغص وجع في الأمعاء والغثي حالة للمعدة يتقاضى بها التحريك إلى الدفع والمعنى أن ترك الغذاء في الحمى العفنية واجب في وقت النوبة لأن الحرارة الغريزية تنغمر في وقت النوبة بسبب الحرارة العفنية ورطوبة الخلط والغذاء يزيدها الانغمار * ويزيد (9) في مادة العفونة فيزيد في السبب إذ الطبيعة تشتغل بالغذاء عن دفع مادة المرض وإنما قال في النوبة لأن في غير النوبة حكمه ما ذكر في الفصل المتقدم. قوله "إلا عند الضرورة" أي إلا أن يكون المريض ضعيفا أو غير صابر أو غير معتاد للجوع فحينئذ يرخص بالغذاء اللطيف في وقت النوبة وإذا كان به مغص أو غثي يستفرغ بالمسهل اللين أو بالقيء.
Unknown page
10
[aphorism]
قال: قال أبقراط: الغذاء الرطب ينفع المحموم سيما رطب المزاج والمعتاد له.
[commentary]
أقول: الغذاء الرطب هو الذي إذا ورد على البدن وانفعل عن الحار الغريزي الذي فيه جعل البدن أرطب مما ينبغي. وإنما PageVW0P005A ينفع المحموم لأنه يضاد الحمى لأنها حرارة غريبة نارية PageVW2P006B يابسة فينفع. ولأن الأغذية الرطبة سريعة الاستحالة إلى الخلط الذي يرطب البدن بالتغذية سيما رطب المزاج أي ينفع من تكون أمزجتهم رطبة بالطبع أو بالاكتساب مثل من تعود أن يغتذي بالأغذية الرطبة وإنما ينفعهم بالمشاكلة لأن حفظ هذه الأمزجة بالمشاكلة والمشابهة.
11
[aphorism]
قال: قال أبقراط: ليغذ بعض المرضى مرة، وبعضهم مرتين قليلا أو كثيرا وبحسب الوقت الحاضر والعادة والسن
[commentary]
أقول: أشار في هذا الفصل إلى كمية الأغذية واعلم أن مراعاة مرات الغذاء في الأصحاء والمرضى واجبة وهي تنقسم إلى تسعة أقسام لأن حال القوة الهاضمة لا يخلو إما أن تكون قوية أو متوسطة أو ناقصة وحال مادة البدن زائدة أو متوسطة أو ناقصة فيكون تسعة أقسام:
Unknown page
١- هو أن تكون القوة الهاضمة قوية والبدن ممتلئا يدبر بالغذاء الكثير المقدار القليل التغذية والعدد. أما كثرة مقداره فلتشتغل المعدة وتسكن الشهوة وأما قلة تغذيته فلئلا يفرط الامتلاء وأما قلة عدده فلقوة القوة الدافعة بالمرة الواحدة.
٢- أن تكون الهاضمة ضعيفة والبدن ممتلئا فتقلل مقدار الغذاء والتغذية ومراته لضعف القوة.
٣- أن تكون الهاضمة متوسطة والبدن ممتلئا، يقلل التغذية بشرط أن تكون متوسطة في المقدار والعدد وذلك ظاهر.
٤- أن تكون القوة الهاضمة قوية والبدن * خاليا (10) من الغذاء، يكثر المقدار والتغذية والعدد لأجل الحاجة مع التمكن من الهضم.
٥- أن تكون الهاضمة ضعيفة والبدن * خاليا (11) من الغذاء، يقلل مقدار الغذاء لضعف القوة ويجب PageVW2P007A أن يكون كثر التغذية لأجل الخلاء وكثير العدد لتتمكن القوة من استعمال الواجب في مرات كثيرة.
٦ - أن تكون الهاضمة متوسطة والبدن * خاليا (12) من الغذاء، يجب أن يعطى الغذاء الكثير التغذية وأن يكون معتدلا في المقدار والعدد، أما تكثيره فلقدرة القوة على الهضم وأما اعتدال مقداره وعدده فظاهر.
٧- أن تكون الهاضمة متوسطة والبدن خاليا من الامتلاء، يعدل المقدار ويكثر التغذية والمرات.
٨- أن تكون الهاضمة ضعيفة والبدن متوسطا في الامتلاء، يقلل المقدار ويعدل التغذية والمرات.
٩- أن تكون الهاضمة متوسطة والبدن متوسطا في الامتلاء، تعدل التغذية والمقدار والمرات.
وقوله "وبحسب الوقت الحاضر" * أي كذلك يختلف مقدار الغذاء أو مراته بحسب الوقت الحاضر (13) من أوقات السنة، أي يختلف باختلاف الفصول وبحسب العادات وبحسب الأسنان PageVW0P005B وما أشبه ذلك. أما الربيع فيكثر فيه الغذاء لانبساط المواد والهضم فيه قوي لاعتدال المزاج واعتدال الهواء فيه فيغذى بالغذاء الكثير المقدار والقليل العدد والتغذية. أما الصيف فيضعف الهضم فيه لقلة الحار الغريزي في الباطن وكثرة التحليل فيه وكثرة حرارة الهواء فيجب أن تقلل مقدار الأغذية فيه ويزاد في تغذيتها وعددها. وأما في الشتاء فبعكس الصيف فينبغي أن تكثر مقدار الغذاء بشرط أن يكون قليل التغذية والمرات. وأما الخريف فيضعف فيه الهضم لاختلاف هوائه ولتقدم تحليل الصيف والمواد متوسطة التحليل فتقلل مقدار الغذاء و يتوسط في تغذيته ومراته وكذا بحسب الأسنان يختلف مقدار الغذاء ومراته PageVW2P007B أما الصبيان مع قوة هضمهم ورطوبتهم الأصلية يحتاجون إلى النمو فينبغي أن يكون بحسب المقدار والمرات والتغذية كثيرة. وأما الشبان مع قوة نبضهم واعتدال رطوبتهم فيحتاجون إلى كثرة المقدار ويعدل في التغذية والمرات. وأما الكهول مع أنهم متوسطون في الهضم وفي الامتلاء فيعدل فيهم مقدار الغذاء والتغذية والمرات. وأما المشايخ مع ضعف هضمهم فيعطون الغذاء القليل المقدار كثير التغذية والمرات. وكذا حكم البلاد حكم الفصول فإن البلاد الشمالية حكمها حكم الفصول الباردة والجنوبية حكمها حكم الحارة، وعلى هذا قس حكم العادات كمن يعتاد أن يأكل في يوم وجبة أو وجبتين أو وجبات.
Unknown page
12
[aphorism]
قال: قال أبقراط: يدل على نوائب المرض ومرتبته نفسه والفصول وتزيد الأدوار وما يظهر بعد كسرعة النفث الدال على القصر في ذات الجنب
[commentary]
أقول: الأشياء التي يستدل بها على مراتب الأمراض من الحدة والزمانة والتوسط بينهما أربعة اشياء: أحدها نفس المرض، وثانيها فصول السنة، وثالثها تزيد أدوار المرض أي من اشتداد نوائبها، ورابعها مما يظهر بعد أي من الأشياء التي تظهر من بعد أي يستدل من حالة واقعة في وسط زمان المرض. فإن هذه الأربعة من لوازم المرض الخلطي ولا شك أنه يلزم من وجود الملزوم وجود اللوازم ومن انتفائه انتفاؤها. وأما الاستدلال من نفس المرض فمثل الغب يدل على أنها صفراوية خارج العروق تنوب يوما وتفتر يوما، والمحرقة تدل على أن مادتها صفراوية داخل العروق هي من الحميات الحادة وانتهاؤها قريب وتشتد غبا، والمواظبة PageVW2P008A من البلغمية النائبة تنوب كل يوم وتشتد في بعض أوقات اليوم، والربع PageVW0P006A تنوب يوما وتفتر يومين وانتهاؤها بعيد، والمركبة من البلغمية والصفراوية تدل على أن انتهاءها متوسط ويختلف ذلك بحسب نظام المرض فيكثر الغذاء إذا كان وقت النوبة بعيدا، و يقلل أو يمنع في وقت النوبة. وأما الاستدلال من الفصول فإن العلل الربيعية والصيفية على الأكثر سريعة الانقضاء، والشتوية بالضد والخريفية كالمتوسطة. وأما الاستدلال من تزيد الأدوار فإن اشتداد النوائب يدل على حدة نوبة المرض ومرتبته لأن زيادة تفاوت النوبة تدل على سرعة انقضاء المرض وحدته، وقلة ذلك تدل على بلادة حركة المرض فيظهر أن اشتداد النوائب يدل على مرتبته سواء كانت النوائب في كل يوم كما في الحمى النائبة أو تدور في يوم وتفتر في يوم كالغب، أو تفتر يومين وتنوب في يوم كما في الربع، أو أكثر كما في الخمس والسدس. وفتور النوبة يدل على زمانة وكلما كان مادته أغلظ كان زمانه أكثر. وأما من الأشياء التي تظهر من بعد سميت بذلك لأنها لا تظهر من أول المرض فمثل علامة النضج الدالة على سرعة الانقضاء ومنها ما يدل على نضج مادة مختصة لعضو مخصوص كدلالة سرعة النفث في ذات الجنب على قصر المرض لأنه إنما تكون لقوة القوة وسهولة انتقال المادة فيكون اندفاعها لا محالة سريعا وإن تأخر النفث كان المرض طويلا بضد ذلك.
13
[aphorism]
قال: قال أبقراط: أحمل الناس للجوع الشيخ لقلة حاره الغريزي وانطفائه بالكثير من الطعام ولهذا لا تكون حماه حادة، ثم الكهل ثم الفتى ثم الصبي لكثرة حاره الغريزي سيما قوي الشهوة PageVW2P008B
[commentary]
أقول: قيل المراد بالجوع الإمساك عن الطعام مدة طويلة PageVW0P006B وبهذا المعنى لا يصدق على الشيخ أنه أحمل الناس للجوع لأنه لا يحتمل تأخر الغذاء لضعف قوته، وكأنه يراد بالجوع الاكتفاء بالغذاء اليسير والشيخ أحمل لذلك لقلة ما يتحلل من بدنه وضعف حرارته. قوله "ولهذا لا تكون حماه حادة" لأن الرطوبة الفضلية في بدنهم كثيرة تقاوم حرارة الحمى والحرارة الغريزية فيهم قليلة بخلاف أبدان غيرهم. ولا شك أن الغريزية القوية والحرارة الغريبة تزيد في حماهم. واعلم أن الأسنان أربعة لأن البدن لا * يخلو (14) إما أن يكون يتزايد في الأقطار الثلاثة والقوة أزيد من المتحلل أي تكون الرطوبة الغريزية وافية بحفظ الحرارة الغريزية وبالزيادة وهو في الإنسان بحسب غالب أفراده قريب من ثلاثين سنة ويسمى سن النمو، أو متناقصا أي القوة أنقص من المتحلل فلا * يخلو (15) إما أن يكون نقصانه غير بين أي غير محسوس أو بينا محسوسا: والأول سن الكهولة وهو من أربعين إلى ستين سنة والباقي سن الشيخوخة ويسمى سن الذبول أيضا لأن البدن يذبل فيه وهو من ستين سنة إلى أن يتلاشى، أو لا يكون متناقصا ولا متزايدا وهو من ثلاثين سنة إلى خمس وثلاثين أو إلى أربعين سنة ويسمى سن الوقوف. وسن النمو على خمس مراتب: سن الطفولة وهي من ابتداء السقوط إلى استعداد النهوض، وسن الصبى وهي من النهوض وقبل الشدة، والترعرع وهي من الشدة إلى الرهاق، والغلامية وهي من الرهاق إلى أن يبقل الوجه إن كان ممكنا. وسن الفتى وهي من الغلامية إلى آخر سن النمو. وسن الصبى يطلق على معنيين أحدهما ما ذكر والثاني PageVW2P009A من ابتداء السقوط إلى أول سن الفتى وهو مراد المصنف ههنا. واعلم أن المشايخ مع عدم نموهم أقل تحليلا PageVW0P007A من غيرهم لقلة حارهم الغريزي، ولا يضر بهم الجوع بل ينفعهم أحيانا لكثرة رطوبتهم الفضلية والجوع يحللها لكن الإمساك عن الغذاء مضر بهم كما ذكرنا بل يحتاجون إلى الغذاء اليسير متتابعا كالسراج الذي قارب الانطفاء فإنه يمدد باليسير من الدهن متتابعا لئلا ينطفئ. قوله "سيما قوي الشهوة" أي من الصبيان فإن الجوع مطلقا يضرهم فكيف مع وجود الشهوة فإنه يؤدي إلى الذبول. والحق أن الجوع المفرط مضر في جميع الأبدان. فإن قلت ما الفرق بين الحرارة الغريزية والحار الغريزي قلت أن الغريزي جوهر والغريزية عرض، ويطلق كل منهما على الآخر مجازا. والحرارة جنس تحته أربعة أنواع أحدها الحرارة النارية، وثانيها الحرارة المستفادة من تأثير الكواكب، وثالثها الحرارة التي توجبها الحركة، ورابعها الحرارة الموجودة في الحيوان وهذه الحرارة توجد في الروح الحيواني وهي الغريزية لأن هذه الحرارة تفاض على البدن عند تعلق النفس لتكون آلة لها وينسب إليها كدخدائية البدن وسماها أفلاطن بالنار الإلهية واختلفت الآراء فيها. قيل هي مزاج البدن كله وقيل هي مزاج الروح وقيل أنها الحرارة النارية العنصرية المستفادة من المزاج، ورأى العظيم أرسطو أن هذه الحرارة مغايرة بالنوع والحقيقة لباقي الأقسام وأنها يستفيدها المركب بالفيضان عليه كما تفاض النفس. والله تعالى أعلم بحقائق الأمور.
Unknown page
14
[aphorism]
قال: قال أبقراط: الجوف في الشتاء والربيع أسخن، والنوم أطول لكثرة الحار الغريزي فيهما. فليغذ أكثر كما في الصريع. والصيف PageVW2P009B والخريف يخالفهما.
[commentary]
أقول: الجوف لغة التقعير وفي اصطلاح الأطباء يطلق على معنيين أحدهما الجوف الأعلى وهو الفضاء الذي يحده من فوق الترقوة PageVW0P007B ومن أسفل الحجاب الحاجز ومن قدام القس ومن خلف فقرات الصدر وهو حاو لآلات النفس ويسمى التنور الأعلى والصندوق الأعلى والبطن الأعلى أيضا. وثانيهما الجوف الأسفل ويحده من فوق الحجاب الحاجز ومن خلف فقرات القطن والعجز ومن قدام الصفاق والمراق والثرب ويسمى البطن الأسفل والصندوق الأسفل والتنور الأسفل وهو حاو لآلات الغذاء. والربيع بحسب آراء الأطباء هو من ابتداء نشوء النبات كله إلى اشتداد الحر وربما يتقدم على الربيع النجومي وربما يتأخر عنه بقليل والخريف من ابتداء تغير الورق أجمع إلى اشتداد البرد وما بينهما صيف وشتاء. وكأن المراد بالربيع ههنا أوائله لكونها باردة شبيهة بالشتاء لا * أواخره (16) فإنها حارة شبيهة بالصيف، فإن أوائل كل فصل شبيهة بأواخر الفصل الذي قبله. وإنما كان الجوف في الشتاء أسخن لأن البرد الخارجي يكثف الجلد ويمنع الحرارة الغريزية من التحليل الكثير ويمنع تحلل البخارات الحارة التي تتحلل من المسام والنوم أطول لطول الليل الجالب للنوم بظلمته ومنعه من التصرفات البصرية وكثرة الرطوبة الهوائية والبدنية وزيادة الدم وكثرة الهضم والغذاء في هذين الوقتين. قوله "فليغذ أكثر" لأن الحاجة إلى الغذاء إنما هي بمقدار الحرارة الغريزية ولا شك أن الحرارة الغريزية إذا كانت أكثر كان الهضم أقوى والاحتياج إلى الغذاء أوفر وتقليل الغذاء يوجب التحليل الكثير بحسب كثرة PageVW2P010A الحرارة والصريع من صيغ المبالغة بمعنى المصارع. هذا استشهاد على أن الحاجة إلى الغذاء إنما هي بمقدار الحار الغريزي والصريعون لكثرة رياضتهم وتكاثف جلودهم حارهم الغريزي أكثر فهم إلى كثرة الغذاء أحوج من غيرهم والصيف PageVW0P008A والخريف تخالف الشتاء والربيع بضد ما ذكرناه فيهما.
15
[aphorism]
قال: قال أبقراط: المستفرغ إن كان مما ينقى منه البدن سهل احتماله وإلا فلا. وكذا إخلاء العروق.
[commentary]
* أقول (17) : الاستفراغ حركة مادة من المواد البدنية إلى الخارج. مهما استفرغ من البدن شيء وكان من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن فينتفع بخروجه سواء كان بالطبع أي من تلقاء نفسه أو بالصناعة، سهل احتماله سواء كان من مخرج طبيعي محسوس كما في الاستطلاق أو غير محسوس كما في العرق أو غير طبيعي وهو منفذ طبيعي كما عند القيء أو ليس كذلك كما عند الفصد إذ لو كان غير ذلك النوع عسر احتماله. قوله "وكذا خلاء العروق" فيه نوع تكرار لأن كل واحد من المستفرغات يلزمه خلاء العروق اللهم إلا أن يراد بالخلاء الاستفراغ الصناعي وبالمستفرغ الطوعي أو بالعكس.
Unknown page
16
[aphorism]
قال: قال أبقراط:ليراع في الاستفراغ دون كثرة الخلط قوة المريض وحيث يجب فإلى الغشى.
[commentary]
أقول: يجب أن يراعى في الاستفراغات قوة المريض مطلقا لا كثرة الخلط سواء كان الامتلاء بحسب الأوعية أو بحسب القوة أو بهما لأن المقصود بالذات من المعالجة رعاية حفظ القوة ومتى وجب الاستفراغ فينبغي أن يستفرغ إلى وقت حد الغشي ويريد به الغشي العارض عن كثرة الاستفراغ متى كان المريض محتملا له. وأما إذا لم يكن كذلك كمن يعسر عود قوته بعد الغشي فلا ينبغي أن تفعل معه ذلك خصوصا وكان ضعيف القلب.
17
[aphorism]
قال: PageVW2P010B قال أبقراط:يعالج لا في النهوة إلا في نادر مرض مهياج بعد تعديم تدبير.
[commentary]
أقول: أراد بالعلاج هنا الاستفراغ. والنهوة الفجاجة أي لا تستفرغ PageVW0P008B مواد الأمراض المادية في زمان الفجاجة بل تستفرغ بعد النضج والنضج ههنا هو إحالة الحار الغريزي الجسم ذا الرطوبة إلى موافقة الغاية المطلوبة وهي أن يصير بحيث يصلح أن يندفع وذلك بأن يعتدل قوامها أي لا يكون رقيقا ولا غليظا. قوله "إلا في مرض مهياج"، المرض المهياج هو الذي مواده شديدة الحركة من عضو إلى آخر. وإذا كانت المواد رقيقة وجب المبادرة إلى الاستفراغ لأن الرقيق أسرع انفعالا وأسهل حركة خصوصا إذا كان مع ذلك في تجاويف العروق فيكون جريانها بالأدوية أسهل. والمراد بتقديم التدبير ترك الغذاء فإنه في الجملة تدبير. واعلم أن مواد الأمراض المزمنة يجب أن تستفرغ بعد النضج وأما الأمراض الحادة فالأكثرون على أن انتظار النضج أيضا فيها أولى خصوصا إذا كانت المادة في تجاويف المفاصل أو داخلة في الأعضاء أو بعيدة كما إذا كانت بقرب الجلد أو عقب اللحم.
Unknown page
18
[aphorism]
قال: قال أبقراط:ليستفرغ الخلط مما هو إليه أميل بالعضو الصالح له.
[commentary]
أقول: هذا الفصل مشتمل على قانونين:
الأول
وجوب استفراغ المواد من الجانب الذي هي إليه مائلة، كما إذا كانت المواد في محدب الكبد فبإدرار البول وإن كانت في مقعرها فبالإسهال وتستفرغ مادة الغثيان بالقيء ورمل الكلية والمثانة بالإدرار والمغص بالإسهال لأن استفراغ المواد من الجهة التي هي ميلها إليها أسهل وأقل مشقة على الطبيعة لحركة المواد بالطبع إلى تلك الجهة لكن تجب PageVW2P011A مراعاة شرائط:
1. أن PageVW0P009A لا يتضرر عضو رئيس بمرور المادة عليه كما لو مالت الصفراء في الحميات الصفراوية إلى الدماغ، منعت بالإسهال لا بالتعطيس لئلا يتضرر الدماغ.
2. أن لا يتضرر عضو شريف كما لو مالت نزلة الدماغ إلى الصدر جذبناها إلى الأنف ولا نستفرغها بالنفث خوفا من تضرر الرئة.
3. أن لا يتضرر عضو ذكي الحس كما لو مالت مواد الرأس إلى العين جذبناها إلى نقرة القفا بالمحاجم ولا نستفرغها بالدمع.
Unknown page
القانون الثاني
هو قوله "بالعضو الصالح له" أي ينبغي أن تستفرغ المواد من العضو الذي يصلح * لاستفراغها (18) لأن ما لا يصلح لذلك لا يكون خروج المادة منه سهلا والصلاحية تتم بأمور أحدها مشاركة العضو للمستفرغ منه، وثانيها قرب المشاركة للاستفراغ كما تستفرغ مواد الكبد من الباسليق الأيمن لا من القيفال، وثالثها أن يكون العضو المخرج منه أخس وأصبر على مرورها وخاليا عن مرض يخشى ازدياده، ورابعها أن لا يكون خروج المادة من هناك مباينا للأمر الطبيعي فلا تستفرغ مادة الحصاة إلى فوق ومواد الأمعاء من المثانة مع أنهما متقاربان في المكان. ولو قال بدل قوله "ليستفرغ الخلط" "لتستفرغ المادة" ليكون شاملا للمواد الستة الموجبة لسوء المزاجات والأورام لكان أولى.
19
[aphorism]
قال: قال أبقراط:من أتاه أو يأتيه البحران كاملا لا تحرك بمسهل وغيره.
[commentary]
أقول: كل مرض ذي بحران إن وقع فيه البحران الكامل لا تحرك مادة المرض بمسهل وغيره من المستفرغات لأن البدن قد نقي نقاء ما على أحسن الوجوه وأوفقها ولأن البحران إن كان جيدا فلا حاجة إلى تحريكها أصلا خصوصا بالاستفراغ لأن استفراغها إن كان موافقا لاستفراغ الطبيعة أفرط وأضعف PageVW2P011B المريض وإن كان PageVW0P009B مخالفا له شوش فعل الطبيعة وإن كان البحران رديئا * كانت (19) البلية مضاعفة بالاستفراغ واعلم أن البحران في لغة اليونانيين الفصل في الخطاب والمحاربة والاضطراب ورسموه بأنه تغير بدني يتبع المخاصمة بين الطبيعة ومادة المرض أولا وهو إنما يكون في الأمراض المادية ولا * يخلو (20) إما أن يكون سريعا أو بطيئا أو متوسطا بينهما وكل منها مآله إلى البرء أو العطب فتكون ستة:
١. البحران الجيد السريع إلى البرء وهو الكامل الجيد ويكون في منتهى المرض الحاد بعد النضج التام إذا كانت القوة قوية والمادة رقيقة طائعة والبدن * متحللا (21) .
٢. البحران السريع إلى العطب وهو الكامل الرديء ويكون أيضا في المرض الحاد ومآله بالضد من ذلك.
٣. البحران * الجيد البطيء (22) إلى البرء ويكون في الأمراض المزمنة بأن تستولي الطبيعة على المادة استيلاء ما ويدفعها على سبيل التدريج ويسمى بالتحلل.
Unknown page
٤. البحران البطيء إلى العطب وهو أيضا في الأمراض المزمنة بأن يستولي المرض على الطبيعة ويسمى بالذبول.
٥. المركب من السرعة والبطء يؤول إلى البرء ويسمى البحران المركب الجيد وهذا إنما يكون في الأمراض المتوسطة بين الحاد والإزمان.
٦. البحران المركب الرديء مآله إلى العطب.
والبحران إذا دفع المواد إلى غير محلها وأحدث مرضا آخر سمي بحرانا انتقاليا. وأحمد الانتقالات ما بعد عن الرؤساء والأعضاء الشريفة ومال إلى أسفل البدن أو إلى ظاهره وأرداها بالعكس.
المقالة ٢
1
[aphorism]
قال قال أبقراط: نوم المريض إن أضر دل على الموت. وإن نفع أو سكن اختلاط الذهن فحسن.
[commentary]
أقول: النوم ترك النفس استعمال PageVW2P012A الحواس طلبا للراحة. والطبيعي منه إنما يكون PageVW0P010A من رطوبة الدماغ المعتدلة بسبب وصول بخارات رطبة صافية حيدة من البدن إلى الدماغ فتستر في جوهر الأعصاب ويتكاثف مسالكها وتغلظ الأرواح النفسانية لما يخالطها من تلك الأبخرة فتمنع من النفوذ فيها لغلظها وضيق المنافذ ويتبع ذلك سكون الحواس والحركات أجمع. والنفس أيضا ترك استعمالها طلبا للراحة عما نالها من التعب باستعمال هذه الآلات. وفيه فائدة بأن قلة التحليل تسبب عدم الإحساس وإيراد بدل ما يتحلل. ومن هذا قيل النوم تعم المقوي للقوى الطبيعية كلها. إذا تقرر هذا فنقول: النوم إن أحدث في المرض ضررا أي وجعا أو ازدياد علة يكون ذلك من علامات الموت لأن الحاد الغريزي يجتمع بأسره في وقت النوم إلى الباطن. وإذا كان عند اجتماعه لا يقدر على قهر سبب المرض وتسكينه. فإنه يدل على العطب فكيف إذا أحدث وجعا أو مرضا آخر. وإن نفع النوم اختلاط الذهن فليس ذلك من علامات الموت ليس معناه أنه يدل على السلامة بل أنه لا يدل على الشر. ولهذا قال فحسن.
Unknown page
2
[aphorism]
قال قال أبقراط: أي نوم * ذي (1) وق جاوز الطبيعي فرديء، وكذا الجوع والعطش.
[commentary]
* أقول (2) : الأرق والسهر مترادفان وهو إفراط في اليقظة وخروج عن الأمر الطبيعي. وكل واحد من النوم واليقظة والجوع والعطش إذا جاوز المقدار الطبيعي أي المعتدل فهو رديء. أما الأرق فلأنه يحلل الروح جدا ويعجز عن الوفاء بحفظ القلب فتضعف القوة الحيوانية والطبيعية وتتفرق الحرارة الغريزية وتصعد الأبخرة الحادة إليه ويشوش PageVW2P012B PageVW0P010B . وأما النوم المفرط فلأنه يرخي القوة النفسانية ويكدر الأرواح ويبرد ظاهر البدن. وأما الجوع المفراط فلفرط إحراق المعدة الغذاء أو لبرد المعدة بسبب غلبة السوداء أو بسبب كثرة حرارة الكبد. وأما العطش هو عبارة عن افتقار الطبيعة إلى الأشياء الباردة الرطوبية. وقيل هو امتناع عن الماء لأنه محرق للأخلاط ومانع عن ترقيق الغذاء وتبد رقة أو اغتسال الأعضاء من انتعاش الحرارة الغريزية. ولا شك أن هذه كلها رديئة منافية للاعتدال المستلزم للصحة.
3
[aphorism]
قال قال أبقراط: الإعياء بلا ظهور سبب بمرض.
[commentary]
اقول: الإعياء كلال يعرض للقوة المحركة للأعضاء المتحركة بالإرادة بعجز من رفعها الثقيل إلى فوق وحطها الخفيف إلى أسفل وهو في بالأكثر يكون في العضلات والمفاصل. وسببه انجذاب الفضول إليها بسبب الحركة. وهو أنواع قروحي ورياضي وتمددي وورمي والذي لا يعرف سببه وهو أردأ أصنافه، وهو منذر بمرض سيحدث لأن ألم الإعياء يدل على خلط رديء.
Unknown page
4
[aphorism]
قال قال أبقراط: من لا يحس بوجعه في الأكثر فعقله مختلط.
[commentary]
اقول: أقول: الوجع هو الإحساس بالمنافي من حيث هو مناف. وإنما قلنا من حيث هو مناف لأن الشيء المنافي قد يكون له أحوال ملائمة من جهة ما. فإذا أحسن من تلك الجهة التذ به كمن يلتذ بشرب الماء البارد في المرض الذي يضر فيه الماء وكمن يأكل الفواكه الضارة وتسببه سوء مزاج مختلف أو تفرق اتصال غير طبيعي. العقل والذهن كلما قالت الأطباء أرادوا به القوة المفكرة. ومعنى الفصل أن من له شيء من شأنه أن يوجع في ظن الطبيب كجراحة أو PageVW2P013A سوء مزاج مختلف أو ورم حار ونحوها PageVW0P011A ولم يحس المريض بوجعه فعقله مختلط لأن الوجع إذا حدث في البدن ولم يعرفه العقل ولم يدركه الحس فإنه يدل على أنهما قد بطلا. وإنما قال في الأكثر لأن المريض في بعض الأوقات يشتغل بأمر مفرح أو يشتغل عنه بأمر آخر أو كان له وجعان أحدهما أقوى فإنه يحس بالأقوى دون الأضعف.
5
[aphorism]
قال قال أبقراط: من هزل في زمان طويل يسمن بتمهل وبالعكس.
[commentary]
أقول: الهزال عبارة عن نقصان لحم البدن أو شحمه أو هما في الأقطار الثلاثة. والسمن مقابله. معناه أن الذين يهزلون في زمان طويل تذوب رطوباتهم وأعضائهم الأصلية وآلات غذائهم وتحلل قوتهم على سبيل التدريج وجب أن يسمنوا على التدريج أيضا لأن الهزال إنما يكون إذا كان الغاذي أقل من المتحلل. ودوام ذلك مما يصفر القوى سيما الهاضمة. فهذا يتهيأ فعلها في توليد الدم وتوزيعه على الأعضاء إلا في مدة طويلة فوجب أن يعطوا الغذاء قليلا قليلا ولا يعطوا مقدار الحاجة دفعة لأن هاضمتهم ضعيفة فلا تقدر على الهضم دفعة. قوله وبالعكس أي الجماعة التي هزل في زمان يسير يسمن في زمان يسير فإن إعادتها له أي للسمن تكون بسرعة لأن الشيء المتحلل منهم غالبا هو الرطوبة الغريبة والأعضاء الأصلية على حالها لا جرم تسمن بسرعة.
Unknown page
6
[aphorism]
قال قال أبقراط: من نقه ونال من الغذاء فلم يقو فقد حمل عليه ما لا يحتمله وإن لم ينل فلخلط.
[commentary]
أقول: الناقه هو الذي زال مرضه وبقي ضعفه ولم تعد قوته. معناه أن الناقهين إذا ناولوا من الغذاء ولا تقوى به أبدانهم ولا يعودوا غلى حال الصحة التي كانوا PageVW2P013B عليها فذلك يدل على تناول الغذاء أكثر من الاحتياج. فحينئذ يلطف التدبير PageVW0P011B . وإن لم يكن ذلك لكثرة الغذاء فيدل على أن في بندهم خلطا رديئا يحتاج إلى الاستفراغ.
7
[aphorism]
قال قال أبقراط: من تقيئه فهيئ ما تخرجه.
[commentary]
أقول: إن أردت التنقية فهيئ ما يخرجها أي يجب عليك أن تعدل قوامها ليسهل جريانها ويهون على القوة دفعها. وذلك يكون بترقيق الغلظ وتغليظ الرقيق وتقطيع اللزج وتفتيح السدة وتوسيع المسام وترطيب البدن الاستراحة والاستحمام بالماء العذب ثم يشغل بالدواء المستفرغ فحينئذ يكون الاستفراغ سهلا وينتفع به المريض وأمن من الأعراض الرديئة مثل المغص والكرب والفثيان والغشي ويحوها.
Unknown page
8
[aphorism]
قال قال أبقراط: غير النقي يزيده الغذاء شرا.
[commentary]
أقول: البدن الذي ليس بنقي أي يكون فيه أخلاط رديئة كلما غذوته يزيده الغذاء شرا لأن المادة الرديئة تحيل الوارد من الغذاء إلى طبيعتها فيزداد. ولا شك أنه يوجب زيادة الشر ويمنع من تقوية البدن.
9
[aphorism]
قال * قال أبقراط (3) : الامتلاء الشرابي أسهل من الطعامي.
[commentary]
أقول: إنما كان الامتلاء من الشراب أسهل من الطعام لأنها قد اجتمع فيها لطافة الجوهر وحرارة المزاج ورطوبة ورقة القوام. وهذه كلها تعين على الهضم وجودة النفوذ وتكثير الدم وتوزيعه على الأعضاء. ولا شك أن فيها غذائية. وكلما كان الغذاء أفطف كان انفعاله وتحلله وهضمه أسرع وأسهل. وإن كان كثيرا فكان تضرر البدن به أقل.
Unknown page
10
[aphorism]
قال * قال أبقراط (4) : بقية المرض بعد البحران تعيده.
[commentary]
أقول: بقية مادة المرض بعد البحران الناقص تعيد المرض أو تحدث PageVW2P014A مرضا آخر لأن تلك البقية لا تصلح للغذاء فبالضرورة يتعفن ويولد الحمى وخصوصا إذا أضيف إليها غذاء ويتولد منه أخلاط ردئية بسبب المخالطة والمجاورة. وإنما يكون بعد PageVW0P012A البحران الناقص لعجز الطبيعة عن دفع مادة المرض فيه بالكلية بخلاف البحران التام فإن مآله إما غلى الصحة أو العطب كما عرفت.
11
[aphorism]
قال قال أبقراط:المرض في ليلة تسبق البحران صعب ومما بعد سهل.
[commentary]
أقول: صعوبة المرض في هذا الوقت قوية لأن هذا الوقت قريب بوقت المجاهدة من الطبيعة والمرض ووقت الدفع والاضطراب مع أن الصعوبة في الليل يكون أكثر. وإن وقع في النهار أيضا لأن الليل قد جرت العادة فيه بالاستحالة والنوم وقلة التحليل وتوجه الحرارة الغريزية فيه إل داخل البدن بالهضم واشتغال الطبيعة بالدفع لأن الحواس فيه مجتمعة. وهذا لا يختص ببحران دون بحران بل يكون في جميع البحرانات سواء كانت تامة أو ناقصة محمودة أو مذمومة. وسهولته لأجل أعراض الطبيعة عن المجاهدة والمجاورة. أما في البحارين الجيدة فلانتصارها. وأما المذمومة فليأسها من المقاومة.
Unknown page
12
[aphorism]
قال قال أبقراط: اختلاف الألوان فيه حسن والأرديئة.
[commentary]
أقول: اختلاف الألوان البراز في الإسهال أعم من أن يكون بحرانيا أو غير بحرانياحسن لأنه يدل على تنقية البدن الطبيعة من الأخلاط الرديئة المحتاج إلى استفراغها. الأردأ اللون من البراز مثل أن يكون زنجاريا أو صديدا أو خراطيا PageVW2P014B أو ذوبانيا أو شحميا أو دمويا أو من جنس العفونات الاحتراقية كالمرة السوداء. فإن كلها رديئة لأنه يدل على نكاية عظيمة.
13
[aphorism]
قال قال أبقراط: صحي ما يبرز كالجراج والبثور وغيرهما مما يغذى صاحبه، والمراري يداوي.
[commentary]
أقول: الخراج عبارة عن جميع المرة من الأورام الحارة الكبيرة الحجم. وعند الرئيس إذا جمع الورم الحار سمي خراجا PageVW0P012B . والبثور أورام صغار. معناه إذا كان البدن على حال الصحة ودفعت الطبيعة الفضل إلى الأعضاء ويكون داخل البدن نقيا والبول والبراز على حالها * الأصليين (5) وجب أن يغذى صاحبه ولا يغير غذاؤه عن حال الصحة ولا يتعرض للاستفراغ لأن الطبيعة قد نهضت بدفع الفضول إلى خارج البدن. وإن كان الخلط مراريا والبدن غير نقي عولج بالدواء ويغذى صاحبه بالغذاء القليل المضادة لذلك الخلط لتكسر عادته ثم يستفرغ.
Unknown page
14
[aphorism]
قال قال أبقراط: لا تتبع الجائع.
[commentary]
اقول: أراد بالجوع ما يحدث عن عدم الغذاء ومن تقليله. معناه أنه يجب أن لا يتعب الجائع من الأمور المتعبة كالحركة العنيفة والاستفراغات وكلها تتحلل تحليلا كثيرا لأن رطوبات البدن قد تحللت بسبب الجوع. ولا شك أن التعب يجفف البدن ويزيده في الضعف وينقص الرطوبات الغريزية وينطفئ الحار الغريزي.
15
[aphorism]
قال قال أبقراط: ورود خارج عن الطبيعة كثير ممرض ويعرفه برؤه.
[commentary]
أقول: كل شيء ورد على البدن وكان خارجا عن الطبيعة في الكمية والكيفية أو فيهما معا كان ممرضا وكذ الخارج من الطبيعة من الستة PageVW2P015A الضرورية ممرض كالغذاء الكثير والماء الكثير والأهوية الباردة المفرطة إذ الكثرة مطلقا توقع في المرض سيما الكثيرة مع الرداءة في الكيف لأن الزيادة في الكيف والكم ممرض فكيف غذا اجتمعتا. قوله ويعرفه يبؤه أي يعرف المرض برؤ المرض، يعني إن انتفع المرض بالاستفراغ دل على أنه امتلائي وإن انتفع بالأشياء الحارة علم أن سببها برودة وبالعكس إلى غير ذلك لأن العلاج بالضد.
Unknown page