140

Sharh Kawkab Munir

شرح الكوكب المنير

Investigator

محمد الزحيلي ونزيه حماد

Publisher

مكتبة العبيكان

Edition Number

الطبعة الثانية ١٤١٨ هـ

Publication Year

١٩٩٧ مـ

"وَقَدْ تَصِيرُ الْحَقِيقَةُ" اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ وَضْعُ الدَّابَّةِ لِكُلِّ مَا دَبَّ "مَجَازًا" فِي الْعُرْفِ. يَعْنِي أَنَّا إذَا أَطْلَقْنَا "الدَّابَّةَ" فِي الْعُرْفِ لِكُلِّ مَا دَبَّ كَانَ ذَلِكَ مَجَازًا فِيهِ، "وَبِالْعَكْسِ" أَيْ وَقَدْ يَصِيرُ الْمَجَازُ، - وَهُوَ إطْلاقُ "الدَّابَّةِ" عَلَى ذَوَاتِ الأَرْبَعِ- فِي اللُّغَةِ حَقِيقَةً فِي الْعُرْفِ١.
"وَالْمَجَازُ" وَزْنُهُ مَفْعَلٌ مِنْ الْجَوَازِ: وَهُوَ الْعُبُورُ وَالانْتِقَالُ. فَأَصْلُهُ٢ "مَجْوَزٌ" بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ، نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْوَاوِ إلَى الْجِيمِ، فَسَكَنَتْ الْوَاوُ٣، وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا، وَهُوَ الْجِيمُ. فَانْقَلَبَتْ الْوَاوُ أَلِفًا عَلَى الْقَاعِدَةِ. فَصَارَ مَجَازًا.
وَالْمَفْعَلُ يَكُونُ مَصْدَرًا وَاسْمَ مَكَان وَاسْمَ زَمَانٍ. فَالْمَجَازُ بِالْمَعْنَى الاصْطِلاحِيِّ: إمَّا مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَصْدَرِ، أَوْ مِنْ اسْمِ الْمَكَانِ، لا مِنْ اسْمِ الزَّمَانِ، لِعَدَمِ الْعَلاقَةِ فِيهِ بِخِلافِهِمَا. فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ الْمَصْدَرِ فَهُوَ مُتَجَوِّزٌ بِهِ٤ إلَى الْفَاعِلِ لِلْمُلابَسَةِ، كَعَدْلٍ بِمَعْنَى عَادِلٍ، أَوْ مِنْ الْمَكَانِ لَهُ، فَهُوَ مِنْ إطْلاقِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ٥.
وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ تَجَوُّزٌ آخَرُ، لأَنَّ "الْجَوَازَ" حَقِيقَةٌ لِلْجِسْمِ لا لِلَّفْظِ، لأَنَّهُ عَرَضٌ لا يَقْبَلُ الانْتِقَالَ. فَهُوَ مَجَازٌ بِاعْتِبَارَيْنِ؛ لأَنَّهُ٦ مَجَازٌ مَنْقُولٌ مِنْ مَجَازٍ آخَرَ، فَيَكُونُ بِمَرْتَبَتَيْنِ. فَالْمَجَازُ هُوَ اللَّفْظُ الْجَائِزُ مِنْ شَيْءٍ إلَى آخَرَ،

١ في ز: العرف وهو والمجاز.
٢ في ز: وأصله.
٣ في ش: حركة الواو.
٤ ساقطة من ش.
٥ انظر العضد على ابن الحاجب وحاشية الجرجاني عليه ١/ ١٤١، شرح تنقيح الفصول ص٤٢، حاشية البناني على شرح جمع الجوامع ١/ ٣٠٤.
٦ في ش: لا أنه.

1 / 153