38

Sharh Kashf al-Shubuhat by Muhammad ibn Ibrahim Al Sheikh

شرح كشف الشبهات لمحمد بن إبراهيم آل الشيخ

Investigator

محمد بن عبد الرحمن بن قاسم

Publisher

طبع على نفقة محمد بن عبد الرحمن بن قاسم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩هـ

Genres

واعلم أن الله سبحانه من حكمته لم يبعث نبيًا بهذا التوحيد إلا جعل له أعداءً كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ . ــ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ ١ وفي الحديث: "من أَمِن الله على دينه طرفةَ عين سلبه إياه". (واعلم) أيها الطالب (أن الله سبحانه من حكمته) البالغة (لم يبعث نبيًا) من الأنبياء (بهذا التوحيد) من لَدُن نوح إلى أن ختمهم بمحمد ﷺ (إلا جعل له أعداء) إلا قَيَّض له أعداء قصدُهم الإغواء والصَّدْف عن دين الله؛ هذا الصراط المستقيم. وهذه حكمة بالغة؛ ابتلاء الأخيار بالأشرار ليكمل للأخيار مراتب الجهاد، وإلا لو شاء لما جعل للأشرار شيئًا من السلطة ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ الآية، سنته البالغة أن يسلِّط الأشرار على الأخيار؛ سلط الأشرار على الرسل فما دونهم، وليس هوانًا بالأنبياء ﵈ وأتباعهم، ولكن ليقوم الأخيار بالجهاد فتعظم الدرجة ويعظم الأجر وينالوا المراتب العالية؛ لأن الجنة غالية لا تُنال إلا بالصبر على المصاعب والمشاق. واعلم أن أتباعهم كذلك من صدق الله في اتباعه للرسل كانوا أعظم أعدائه (كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا﴾ يشمل جميع الأنبياء، ثم بيَّن العدو فقال: ﴿شَيَاطِينَ الأِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ يعني من هؤلاء وهؤلاء.

١ سورة إبراهيم، الآيتين: ٣٥، ٣٦.

1 / 43