Sharh Kalimat al-Ikhlas by Ibn Rajab

Abd al-Rahman bin Nasir al-Barrak d. Unknown

Sharh Kalimat al-Ikhlas by Ibn Rajab

شرح كلمة الإخلاص لابن رجب

Publisher

دار ابن الجوزي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م

Genres

شرح رسالة «كلمة الإخلاص» للإمام الحافظ زين الدِّين عبد الرحمن بن أحمدَ بنِ رجبٍ الحنبليّ (٧٣٦ - ٧٩٥) رحمه الله تعالى شرح فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله اعتنى به ياسر بن سعد بن بدر العسكر غفر الله له ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين

1 / 3

بسم الله الرحمن الرحيم

1 / 4

مقدمة المعتني الحمد لله وكفى، وأشهدُ أن لا إله إلا الله المعبودُ المرتَجَى، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه المصطفى، صلى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلِه وصحبِه نجوم الهدى، وكلِّ مَن سار على نهجهم واقتفى. أما بعد: فهذا أثرٌ علميٌّ جديدٌ من آثارِ أهلِ السنَّة والجَمَاعَة، يتضوَّع مِسْكًا أَذْفَرًا، أضعه بين يديك - أيها القارئ الكريم - جامعًا بين دِفَّتَيه نَفَسَ عالِمَين جليلين: أحدهما: العلاَّمةُ المحقِّقُ الحافظُ صاحبُ التصانيف المفيدة زينُ الدِّين عبدُ الرحمن بنُ أحمدَ بنِ رجبٍ البغداديُّ الحنبليُّ (ت:٧٩٥ هـ)، في رسالته الموسومة بـ «كلمة الإخلاص وتحقيق معناها». وأما الثاني: فهو شيخنا العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك - حفظه الله ونفع به -، حيث قام بشرحِ هذه الرِّسالة (١) شرحًا متوسطًا، يُوضِّحُ مقاصدَها، ويُبَيِّن مسائلَها، ويُنَبِّه على ما وقع في كلماتِ بعض أرباب السلوك والتصوف من أخطاء ومخالفات. وقد اجتهدتُ في إخراجه ونشره رجاء النفع به. عملي في الكتاب: اجتهدتُ في خدمة الشرح والعناية به وبأصله المشروح على النحو التالي:

(١) وكان ذلك ضمن دروس الدورة العلمية الثامنة التي أقيمت بجامع شيخ الإسلام ابن تيمية بالرياض عام ١٤٢٢ هـ.

1 / 5

أما الشرح فقد عارضتُه -بعد تفريغه- بأصله المسموع، فصوَّبتُ ما وقع في النسخة المفرَّغة من سَقطٍ أو تصحيفٍ. ثم اجتهدتُ في تهذيبه وتنسيقه وترتيبه بما يتلاءم مع الكتاب المطبوع. ثم بعد ذلك قرأتُه على شيخنا - حفظه الله - كاملًا، قراءةَ ضبطٍ وتصحيحٍ، فكان يصوِّب ويُعدِّل، ويحذفُ ويُضيف، حتى استقام على سوقُه بما ترى. والغاية من هذا كلِّه أن يخرج الشرحُ على أكملِ صورةٍ وأصحِّ وجهٍ، معتمَدًا من قِبَلِ شارِحِه، صحيحَ النسبة إليه (١). وأما الأصلُ المشروح وهو رسالة «كلمة الإخلاص» لابن رجب ﵀ فقد عُنيتُ بها عنايةً خاصَّةً، فضبطتُ نصَّها وخرَّجتُ أحاديثَها، وعزوتُ نقولَها. ثم قابلتُ نَصَّها على نسختين خطيتين تامَّتين: أما الأولى: فهي نسخةٌ نفيسةٌ مكتوبةٌ في حياة الحافظ ابن رجب ﵀، وناسخها أحدُ تلامِذَتِه، وهو: الشيخُ الفقيهُ محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ عبدِ الدائم الباهيُّ الحنبليُّ (ت:٨٠٢ هـ) (٢)، وفرغ من نسخها يوم الجمعة سادس جمادى الأولى سنة (٧٨٧ هـ)، وتقع في (١٢) ورقة، وهي من مصورات

(١) وأُنبِّه هنا إلى أنَّه قد طُبِع الشرحُ باعتناء الشيخ صبري سلامة شاهين -وفَّقَه الله- وسَمَّاه «الفريد في شرح كتاب التوحيد»، ونشرته دار القاسم بالرياض عام ١٤٣٠ هـ، ولكون هذا الشرحَ لم يُقرأ على شيخنا -حفظه الله- ولم يصوَّب من قِبَلِه فقد وقع فيه بعض الأوهام والنقص في مواضع متعدِّدة، لا من حيث الخدمة، ولا من حيث الطباعة، ولذا لم يتم اعتماد الشرح من قِبل شيخنا ولم يَرضَ عنه، وقد أصدر بيانًا بذلك ونُشِرَ في موقعه الإلكتروني. (٢) قال عنه ابن حجر: (اشتغل كثيرًا وسمع من شيوخِنا ونحوهِم، وعُنيَ بالتحصيل، ودَرَّس وأفتى، وكان عاقلًا رصينًا كثير التأدب)، وقال ابن حجي: (كان أفضل الحنابلة بالديار المصرية وأحقهم بولاية القضاء)، ووصفه شيخه البُلقينيُّ بـ (الشيخ العالِم المحقِّق مفتي المسلمين جمال المدَرِّسين). تنظر ترجمته في: «إنباء الغُمر» لابن حجر (٢/ ١٨٢)، و«الضوء اللامع» للسخاوي (٩/ ٢٢٤)، و«السُّحُب الوابِلة» لابن حميد المكي (٣/ ١٠٧٥).

1 / 6

المكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ضمن مجموع رقم (٤٧٦١). ولِقِدَمِ هذه النسخة ونفاستِها ومكانةِ ناسخها فقد اتخذتُها أصلًا. وأما الثانية: فهي نسخةٌ جيدةٌ ولكنها متأخِّرةٌ، وناسخها هو: عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن ربيعة الربيعي، وفرغ من نسخها - فيما يبدو - في أوائل شهر رجب سنة (١٣٣٣ هـ)، وتقع في (١٩) ورقة، وهي من محفوظات مكتبة جامعة الملك سعود بالرياض، ضمن مجموع رقم (١٦٧٣). وهذه النسخة رغم تأخرها إلا أنها نسخةٌ جيِّدةٌ، وخطها واضحٌ ومقروءٌ، وهي نسخةٌ مقابلةٌ ومصحَّحةٌ، وفيها زوائد يسيرة في بعض المواضع، وقد رمزت لهذه النسخة بحرف (ب). فاعتمدتُ نسخة ابن عبد الدايم أصلًا وأضفتُ لها ما في نسخة الربيعي من زيادات غير مؤثرة في سياق الكلام واتِّسَاقه، وجعلتها بين معكوفتين []، فإن كان إثبات الزيادة مؤثرًا في سياق الكلام أو كان ثَمَّة اختلاف في الألفاظ - وهو قليل - فإني أُثبِتُ ما في الأصل وأُنَبِّه في الحاشية على ما في نسخة (ب). كما عُنيتُ بتخريج أحاديث الرِّسالة تخريجًا مختصرًا، مع الحكم عليها صحةً وضعفًا، معتنيًا بنقل أحكام أئمة الحديث ونُقَّادِه على تلك الأحاديث إن وُجِدَ. هذا وأسأل الله ﷿ أن ينفع بهذا الشرح كما نفع بأصله، وأن يجزي شيخنا خير الجزاء على جهوده العلمية، وأن يبارك له في عمره وعلمه وعمله. والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد. كتبه ياسر بن سعد بن بدر العسكر الرياض عصر يوم الأربعاء ١٤/ ٨/١٤٣٣ هـ Yaser ١٢١@hotmail.com

1 / 7

ترجمة المؤلِّف (١) • اسمه ونسبه وكنيته: هو الإمامُ الحافظُ العلامةُ زينُ الدِّين عبدُ الرَّحمن بنُ أحمدَ بنِ عبدِ الرَّحمن بنِ الحَسَن بنِ محمَّدٍ السَّلاميُّ البغداديُّ ثم الدِّمشقيُّ الحنبليُّ، أبو الفرج، المعروف بـ «ابنِ رجب»، وهو لقبُ جَدِّه عبد الرحمن، وقد طغت هذه النسبة على اسمه حتى لا يكاد يُعرف إلا بها. • مولده ونشأته: ولد ﵀ ببغداد، سنة (٧٣٦ هـ). ونشأ في أسرةٍ علميةٍ عريقةٍ في العلم والفضل والصلاح، فأبوه وجَدُّه من العلماء، وكان لأبيه الأثر الأكبر في توجيهه نحو العلم النافع، فكان يصطحبه معه إلى مجالس العلم والتحديث وهو صغير جدًا، فحضر مجالس جدِّه غير مرَّة ببغداد وهو في السنة الثالثة والرابعة والخامسة من عمره. واشتغل بسماع الحديث - باعتناء والده - منذ نعومة أظفاره، فسمع من كبار المحدِّثين في دمشق ومصر والحجاز، وأجازه جماعةٌ منهم. ولم يزل ﵀ سالكًا هذا المهَيع المبارك، فـ (أكثر من المسموع وأكثر

(١) ينظر في ترجمته: "الرد الوافر" لابن ناصر الدين (ص ١٧٦)، و"الدرر الكامنة" لابن حجر (٢/ ٤٢٨)، و"إنباء الغُمر" لابن حجر (١/ ٤٦٠)، و"المقصد الأرشد" لابن مفلح (٢/ ٨١)، و"المنهج الأحمد" للعليمي (٥/ ١٦٨)، و"طبقات الحفاظ" للسيوطي (ص ٣٦٧)، و"شذرات الذهب" لابن العماد (٦/ ٣٣٩)، و"البدر الطالع" للشوكاني (١/ ٣٢٨)، و"ابن رجب الحنبلي وأثره في توضيح عقيدة السلف" للدكتور عبد الله بن سليمان الغفيلي.

1 / 9

من الاشتغال حتى مَهَرَ) (١)، وكان (يرافق الحافظ زين الدِّين العراقي في السماع كثيرًا) (٢). فأتيح له من السماع والمشافهة والتلقي عن الشيوخ - وخصوصًا أهل الحديث - ما لم يُتَح لكثيرٍ من أقرانِه، ووافق ذلك منه ألمعيةً ونبوغًا، الأمر الذي جعل الحافظ ابن حجر يقول عنه: (ومَهَرَ في فنونِ الحديثِ أسماءً ورجالًا وعللًا وطرقًا واطِّلاعًا على معانيه) (٣). • أبرز شيوخه: ١. والده شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد السَّلامي البغدادي (ت ٧٧٤ هـ). ٢. أبو العباس أحمد بن الحسن بن عبد الله، الشهير بـ «ابن قاضي الجبل» (ت ٧٧١ هـ)، شيخ الحنابلة في زمانه، وقد خَلَفَه ابنُ رجب في التدريس بحلقة الثلاثاء. ٣. نجم الدِّين محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن سالم الدمشقي العبادي، المعروف بـ «ابن الخباز» (ت ٧٥٦ هـ)، مُسنِد الآفاق في زمانه. ٤. شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب الزَّرَعِي، الشهير بـ «ابنِ قَيِّم الجوزية» (ت ٧٥١ هـ) الإمامُ العَلَمُ المعروفُ. ٥. أبو سعيد صلاح الدين خليل بن كَيْكَلَدِي بن عبد الله العلائي الشافعي (ت ٧٦١ هـ)، الإمام الحافظ، صاحب التصانيف المفيدة. وغيرهم كثير. • أبرز تلاميذه: ١. أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن علي الحموي الحلبي، المعروف بـ «ابن الرسام» (ت ٨٤٤ هـ).

(١) «الدرر الكامنة» (٢/ ٤٣٨). (٢) «إنباء الغُمر» (١/ ٤٦٠). (٣) «إنباء الغُمر» (١/ ٤٦١).

1 / 10

٢. أبو الفضل أحمد بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر البغدادي، المعروف بـ «ابن نصر الله» (ت ٨٤٤ هـ). ٣. علاء الدين علي بن محمد بن عباس البعلي ثم الدمشقي الحنبلي، المعروف بـ «ابن اللحَّام» (ت ٨٠٣ هـ). ٤. سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله الأنصاري، المعروف بـ «ابن الملقِّن» (ت ٨٠٤ هـ). ٥. شمس الدين محمد بن أحمد بن سعيد المقدسي الحنبلي (ت ٨٥٥ هـ)، قاضي مكة. وغيرهم كثير. • عقيدته: كان ﵀ سلفيَّ العقيدةِ أَثَرِيَّ المنهجِ، سائرًا على طريقة أهل الحديث في ذلك، فقد عصمه الله من الانزلاق في المناهج الكلامية والفلسفية على اختلاف مشاربها، فكان حريصًا كل الحرص على اقتفاء منهج السلف الصالح - من الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين - في جميع أبواب الاعتقاد. ونظرة فاحِصَة في مؤلفاته المختلفة تنبئك عن ذلك المنهج السلفي المبارك، فتجده إذا عَرَضَ لمسألةٍ عقديةٍ يقرر فيها منهج السلف الصالح بأوضحِ تقريرٍ وأَبيَنِ عبارةٍ، بعيدًا عن زيغ العقائد البدعية، وزيف المناهج الكلامية. إلا أن المنْصِف لا يمكن أن يُنكِر ما يجده في بعض مؤلفاتِه من مَسحَةٍ صوفيةٍ تظهر في نقله لكثيرٍ من أقوال أئمة الصوفية كالجُنَيد، وذي النون المصري، وأبي سليمان الدَّاراني، وأبي يعقوب النَّهرَجُورِي وغيرِهم، لكنه كان يختار من أقوالهم ما كان موافقًا للكتاب والسنة، وربما غَفل في بعض الأحيان أو خفي عليه ما اشتملت عليه بعض أقوالهم من الخطإ والمخالفة. وبالجملة فابنُ رجبٍ سلفيُّ المنهجِ والمعتقد، لكن لعل نشأته في بعض الأربطة والأوقاف التي كان يغشاها الصوفية وتَلْمَذَتَه لبعض الشيوخ المتأثِّرين

1 / 11

بالمنهج الصوفي كان لها أثرٌ في اقتباسه لبعض عباراتهم، ونقله عن بعض أئمتهم، وخصوصًا في باب السلوك وتهذيب النفوس، متحاشيًا ما انطوت عليه عقائدهم من شطحات وخرافات وانحرافات. • مذهبه الفقهي: ابن رجب ﵀ معدودٌ من كبار علماء الحنابلة في زمانه، بل (هو الذي نشر مذهب الامام أحمد بن حنبل ببيت المقدس ثم بدمشق) (١)، ووصفه غير واحد بـ «شيخ الحنابلة» وقال ابن حجي: (تخرَّج به غالب أصحابنا الحنابلة بدمشق). فعنايته ﵀ بمذهب الإمام أحمد أمرٌ ظاهرٌ، وقد صنَّف في قواعد المذهب كتابه العجيب «تقرير القواعد وتحرير الفوائد»، وهو من أجلِّ مصنفاته الفقهية و(يدل على معرفة تامَّة بالمذهب) كما قال برهان الدِّين ابن مفلح (٢). وصنَّف في تراجم الحنابلة كتابًا ذيَّل به على «طبقات ابن أبي يعلى»، وجاء فيه بفوائد علمية متنوعة. فحنبليَّةُ ابنُ رجبٍ أشهرُ من أن تُذكَر أو أن يُدلَّل عليها، لكنَّه - مع هذا - لم يكن من المقلِّدة المتعصِّبَة، بل كان يدور في فَلَكِ الدَّليل حيث دَارَ، مرجِّحًا ما دلَّ عليه النصُّ الشرعي ولو خالف المذهب. • منزلته في الوعظ: كان ﵀ إلى جانب رسوخ قدمه في فنون العلم واعظًا بليغًا مؤثِّرًا، فكانت مجالس وعظه مشهودة، وكان لوعظه وقعٌ في النفوس وتأثيرٌ في القلوب. وكان يسبك مواعظه في قالب أثريٍّ، فتجده كثير الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية مع ذكر جملةٍ وافرةٍ من أقوال السلف، وقد يورد

(١) قاله ابن ناصر الدين في «الرد الوافر» (ص ١٧٠). (٢) «المقصد الأرشد» (٢/ ٨٢).

1 / 12

بعض الأقوال عن طائفة من أعلام الصوفية المتقدِّمين، ويسبك ذلك كله سبكًا مؤثِّرًا مطعَّمًا ببعض الأبيات الشعرية والمحسِّنات اللفظية، ومؤلفاته في الوعظ خير شاهد على ذلك. • ثناء العلماء عليه: حظي ابن رجب ﵀ بثناءٍ عاطرٍ، يدل على مدى توسعه وتبحره وتفننه في العلوم، ويدل أيضًا على ما له من المكانة العالية في قلوب الناس، وإليك شيئًا من أقوالهم فيه: ١. قال تلميذه ابن اللحَّام (ت ٨٠٣ هـ): (سيدنا وشيخنا الإمام العالم العلامة الأوحد الحافظ، شيخ الإسلام مجلي المشكلات وموضح المبهمات)، وقال أيضًا: (الإمام العالم الحافظ، بقية السلف الكرام، وحيد عصره، وفريد دهره، شيخ الإسلام). ٢. وقال شهاب الدين ابن حجي (ت ٨١٦ هـ): (أتقن الفن - أي: فن الحديث - وصار أعرف أهل عصره بالعلل وتتبع الطرق، وتخرج به غالب أصحابنا الحنابلة بدمشق). ٣. وقال ابن ناصر الدين الدمشقي (ت ٨٤٢ هـ): (كان أحد الأئمة الحفاظ الكبار والعلماء الزهاد الأخيار)، وقال أيضًا: (الشيخ الامام العلامة الزاهد القدوة البركة الحافظ العمدة الثقة الحجة، واعظ المسلمين، مفيد المحدثين، .... أحد الأئمة الزهاد والعلماء العباد). ٤. وقال ابن قاضي شهبة (ت ٨٥١ هـ): (الشيخ الإمام العلامة الحافظ الزاهد الورع، شيخ الحنابلة وفاضلهم، أوحد المحدثين). ٥. قال السيوطي (ت ٩١١ هـ): (هو الإمام الحافظ المحدِّث الفقيه الواعظ، ... أكثر الاشتغال حتى مَهَر). ٦. قال ابن العماد الحنبلي: (الشيخ الإمام العالم العلامة، الزاهد القدوة البركة، الحافظ العمدة الثقة الحجة، .... اجتمعت الفرق عليه، ومالت القلوب بالمحبة إليه).

1 / 13

مؤلفاته: جَمَعَ ابنُ رجب ﵀ نفسَه على التدريسِ والتصنيف فكان نتيجةَ ذلك أنْ أثرى المكتبة الإسلامية بجملةٍ وافرةٍ من المؤلفات السَّديدة والمصنَّفات المفيدة، وهي في ذلك ما بين كتابٍ في عدَّة مجلَّدات أو رسالةٍ في بضع ورقات. فله في التفسير: «تفسير سورة الفاتحة» خ، و«تفسير سورة الإخلاص» ط، و«تفسير سورة النصر» ط. وفي الحديث وعلومه: «فتح الباري في شرح البخاري» ط، وصل فيه إلى كتاب الجنائز، و«شرح جامع الترمذي»، مفقود، وتوجد منه قطعة يسيرة جدًا في المكتبة الظاهرية، و«جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكَلِم» ط مرارًا، و«شرح علل الترمذي» ط. وفي الفقه وقواعده: «تحرير القواعد وتقرير الفوائد» ط، و«الاستخراج في أحكام الخراج» ط، و«أحكام الخواتيم وما يتعلق بها» ط، و«القول الصواب في تزويج أمهات أولاد الغياب» ط، و«تعليق الطلاق بالولادة» خ. وفي التاريخ: «الذيل على طبقات الحنابلة» ط، و«مختصر سيرة عمر بن عبد العزيز» مطبوع قديمًا، و«سيرة عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز» ط. وفي الوعظ والفضائل والرقائق: «لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف» ط، و«التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار» ط، و«أهوال القبور» ط، و«استنشاق نسيم الأنس بنفحات رياض القدس» ط، و«الفرق بين النصيحة والتعيير» ط، و«فضل علم السَّلف على علم الخلف» ط، «وفضائل الشام» ط، و«كلمة الإخلاص وتحقيق معناها» وهي رسالتنا هذه. هذا وقد اعتنى بعض المعاصرين بجمع رسائل ابن رجب في مجموعٍ واحدٍ، طبع منه حتى الآن خمس مجلدات، اشتمل على تسعٍ وثلاثين رسالة، وعُنِيَ بجمعها الشيخ طلعت بن فؤاد الحلواني وفقه الله، وطبعته دار الفاروق الحديثة بالقاهرة.

1 / 14

وفاته: بعد رحلة حافلة بالعطاء العلمي - تأليفًا وتدريسًا ووعظًا وتذكيرًا وعبادةً - وافاه الأجل بدمشق في شهر رمضان سنة (٧٩٥ هـ)، ودفن بمقبرة الباب الصغير. ومن عجيب ما وقع له قبل وفاته ما ذكره ابن ناصر الدين الدمشقي بقوله: (حدَّثني من حَفَرَ لحد ابنِ رجب أنَّ الشيخَ زين الدِّين ابنِ رجب جاءَه قبل أن يموت بأيامٍ فقال له: احفِر لي ها هنا لَحْدًَا، وأشار إلى البقعة التي دُفِنَ فيها، قال: فحفرتُ له، فلمَّا فَرَغَ نزل في القبرِ واضطَجَع فيه فأعجبَه، قال: هذا جيِّدٌ، ثم خرج، وقال: فو الله ما شعرتُ بعد أيامٍ إلا وقد أُتِيَ به ميِّتًا محمولًا في نعشِه، فوضعتُه في ذلك اللَّحد). فرحم الله ابن رجب رحمة واسعة، وجمعنا به في جنات النعيم.

1 / 15

التعريف بالرسالة اسم الرِّسالة: هذه الرسالة لم يسمها ابن رجب كعادته في تسميته لكتبه ورسائله، وهذا بَيِّنٌ ظاهرٌ من نسخ الرسالة الخطية، حيث وُجِدَت غفلًا من أي اسمٍ أو عنوان. لكن وجد في نسخة ابن عبد الدائم الباهي -وهي أقدم نسخة خطية للرسالة- ورقة أُلحِقَت بالمخطوطِ في أوَّله كُتِبَ عليها بخطٍّ مغايرٍ للمخطوطِ ما نَصُّه: (كتاب التوحيد من كلام الشيخ الإمام .... ابن رجب البغدادي الحنبلي تغمده الله بالرحمة والرضوان وأسكنه غرف الجنان) وأشير - بخط مغاير للعنوان - إلى أن هذا (خط ابن السمين الحلبي المشهور ﵀ سبحانه) وهذا وهمٌ فاحشٌ، لأن ابن السمين الحلبي المفسِّر المشهور توفي سنة (٧٥٦ هـ)، وابن رجب توفي سنة (٧٩٥ هـ) فكيف يترحَّم المتقدِّم وفاةً على المتأخِر عنه؟!. فورقة العنوان ليست بخط السمين الحلبي جزمًا، ويؤكد هذا أن طبيعة الخط توحي بأنه من خطوط القرن الحادي عشر فما بعده، وليس من خطوط القرن الثامن. فالخلاصة أن هذا العنوان ليس من وضع ابن رجب، ولا من وضعِ تلميذه ابن عبد الدائم - ناسخِ المخطوط -، بل هو اجتهاد من بعضهم ممن وقف على المخطوط، استوحاه من مضمون الرِّسالة. هذا، وقد طبعت الرسالة أولَّ طبعةٍ لها (١) باسم: «تحقيق كلمة

(١) وكان ذلك عام ١٩٥٠ م، بتعليق الشيخين محمود خليفة وأحمد الشرباصي، وطبع بمطبعة مصر بالقاهرة، في (٨٠) صفحة.

1 / 17

الإخلاص»، ثم أعاد المكتب الإسلامي طباعتها عدة مرات (١) باسم: «كلمة الإخلاص وتحقيق معناها»، ثم توالت الطبعات والتحقيقات حاملةً هذا الاسم، سوى الطبعة التي بتحقيق الشيخ صبري سلامة شاهين، فقد عَنْوَنَ لها بـ: «كتاب التوحيد». وفي ظني أن تسمية الرسالة بـ: «كلمة الإخلاص وتحقيق معناها» أقرب لمضمون الرسالة من غيره، وأيضًا هو الاسم الذي طبعت عليه الرسالة واشتهرت به، فلا أرى موجبًا لتغييره من غير برهان ساطع. • أصل الرسالة: من الملاحظ أن ابن رجب ﵀ لم يقدِّم بين يدي رسالته بمقدِّمة تبين موضوعها، بل شرع في المقصود دون مقدِّمات، وهذا ما جعل الشارح -حفظه الله- يميل أن هذه الرسالة أصلها دَرسٌ أو مجلسٌ وعظيٌّ، فاستُملِيَ عنه، ولم يكتبه ابنُ رجب على سبيل التأليف والتصنيف. قلت: ولعل مما يؤيد هذا عدم تسمية هذه الرسالة باسمٍ خاصٍّ بها كما هي عادة ابن رجب ﵀ في كثيرٍ من كتبِه ورسائِله التي كتبها على سبيل التصنيف والتأليف. • موضوع الرِّسالة: هذه الرِّسالة المختصرة يدورُ قُطبُ رَحَاهَا حول كلمةٍ عظيمةٍ جليلةٍ شريفةٍ هي كلمة التوحيد: «لا إلهَ إلا الله، محمَّدٌ رسولُ الله». وتنبُع أهميةُ هذه الرِّسالة من أهمية هذه الكلمة العظيمة التي هي رأسُ الإسلامِ ومفتاحُ دارِ السَّلام، وعليها أسست المِلَّة ونُصِبت القِبلة، وعنها يُسألُ الأوَّلونَ والآخِرون، وهي منشأ الخلق والأمر، والثواب والعقاب، وبها انقسم الناس إلى مؤمن وكافر، وبرٍّ وفاجر. وقد افتتح المؤلِّف ﵀ رسالته بذكر جملة من الأحاديث الواردة في

(١) وكانت الطبعة الأولى لها سنة ١٣٨٠ هـ.

1 / 18

فضل التوحيد وخَصَّ منها الأحاديث الدالة على أن من شهد شهادة التوحيد فإنه يدخل الجنة أو يحرم على النار. ثم بعد هذا انتقل للكلام على هذه الأحاديث، فقَسَّمَها إلى نوعين: أحدهما: الأحاديث التي فيها أنَّ مَن أتى بالشهادتين دخل الجنة ولم يحجب عنها، ثم ذكر أن هذا النوع من الأحاديث ظاهرٌ لا إشكال فيه؛ لأنه ليس فيها نفي أنَّه يُعذَّب على قدر ذنوبه، إنما فيها الإخبار بدخول الجنة فحسب، والمؤمن الموحِّدُ -وإن عُذِّبَ- فمآله إلى الجنَّة، لأنَّ النَّار لا يُخلَّدُ فيها أحدٌ من أهلِ التوحيدِ الخالِصِ. والثاني: الأحاديث التي فيها أنَّ مَن أتى بالشهادتين فإنه يُحرَّم على النَّار، وهذا النوع من الأحاديث هو موطن الإشكال؛ لأنه قد دلت النصوص الأخرى على دخول بعضِ عُصَاة الموحِّدِين النَّارَ، ثم أفاض ﵀ في ذكر أجوبة أهل العلم على هذا، فذكر منها أربعة، ورجَّح قولَ مَن قال: بأنَّ المرادَ من هذه الأحاديث أنَّ «لا إله إلا الله» سببٌ لدخول الجنَّة والنَّجَاةِ من النَّارِ ومقتضٍ لذلك، ولكن المقتضي لا يعمَل عمَلَه إلا باستجماعِ شروطِه وانتفاءِ موانِعِه، فقد يتخلَّف عنه مقتضَاه لفواتِ شرطٍ من شروطِه أو لوجودِ مانعٍ، ثم قال: (وهذا هو الأظهر). وهناك جوابٌ آخر أورده ابن رجب وظاهر صنيعه أنه يختاره ويرتضيه أيضًا، وهو قول طائفة من أهل العلم أنَّ تلك النصوص المطلقة قد جاءت مقيَّدة في أحاديث أخر، والتي تفيد بأن ذلك الثواب إنما هو لمن يقولها بصدق وإخلاص ومحبة ويقين ونحو ذلك. ثم استطرد ﵀ بكلامٍ طويلٍ نفيسٍ في التدليل والتعليل على صحة هذين الجوابين، وكان مما قال: (وتحقيقُ هذا المعنى وإيضَاحُه أنَّ قولَ العبدِ: «لا إله إلا الله»، يقتضي أن لا إله له غير الله، و«الإله» هو الذي يُطَاعُ فلا يُعصَى؛ هيبةً له وإِجلالًا، ومحبةً، وخوفًا، ورجاءً، وتوكلًا عليه، وسؤالًا منه، ودعاءً له، ولا يَصْلُحُ ذلك كلُّه إلا لله ﷿.

1 / 19

فمن أشرَكَ مخلوقًا في شيءٍ من هذه الأمور التي هي من خَصَائِصِ الإِلَهِيَّة، كَانَ ذَلكَ قَدْحًَا في إِخلاَصِه في قَولِ: لا إله إلا الله، ونَقصًَا في توحِيدِهِ، وكانَ فيه من عُبُودِيَّةِ ذلك المخلُوقِ بحسْبِ ما فِيهِ مِن ذَلكَ، وهذا كُلُّه من فُرُوعِ الشِّرْكِ). ثم تكلم عن محبَّة الله ﷿، وذكر أنَّ المحبَّة متى تَمَكَّنَت من القَلبِ لم تَنبَعِث الجَوَارِحُ إلاَّ إِلى طَاعَةِ الرَّبِّ ﷿. ثم تكلَّم عن الصِّدق في قول «لا إله إلا الله»، وذكر أنَّ (مَن دَخَلَ النَّارَ مِن أَهلِ هَذِه الكَلِمَةِ فَلِقِلَّةِ صِدقِهِ فِي قَولِهَا، فَإِنَّ هَذِهِ الكَلِمَةَ إِذَا صَدَقَت طَهَّرَت القَلبَ مِن كُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ، وَمَتَى بَقِيَ فِي القَلبِ أَثَرٌ لِسِوَى اللَّهِ فَمِن قِلَّةِ الصِّدقِ فِي قَولِهَا. مَن صَدَقَ فِي قَولِهِ «لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ» لَم يُحِبَّ سِوَاهُ، لَم يَرْجُ إِلاَّ إِيَّاهُ، لَم يَخْشَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهُ، لَم يَتَوَكَّل إِلاَّ عَلَى اللَّهِ، لَم يُبقِ لَهُ بَقِيَّةً مِن آثَارِ نَفسِهِ وَهَوَاهُ). ثم ختم المؤلِّف رسالته بفصلٍ ذكر فيه جملةً وافرةً من فضائل كلمة التوحيد، ثم ختم هذا الفصل بالحثِّ على تحقيق التوحيد والتمسك بأصل الدين، لأنه - كما يقول - (لا يوصل إلى الله سواه، ولا ينجي من عذاب الله إلا إياه). هذا تفصيلٌ مجمَلٌ لما اشتملت عليه هذه الرِّسالة المباركة من موضوعات. وهذه الرسالة على صغر جحمها وقلة عدد أوراقها إلا أنَّ المؤلِّف حشد فيها من الآيات والأحاديث والأقوال والنقول شيئًا كثيرًا. وأكثر فيها من النقل عن أعلام الصوفية المتقدِّمين، أمثال الجنيد وأبي سليمان الداراني وذي النون المصري ويحيى بن معاذ ورُوَيْم وغيرهم، وساق جملة من أقوالهم في المحبة وغيرها.

1 / 20

ترجمة الشارح اسمه ونسبه: هو الشيخ العلاَّمة عبدالرحمن بن ناصر بن براك بن إبراهيم البراك، ينحدر نسبه من بطن آل عُرينة، المتفرِّع من قبيلة سُبيع المُضرية العدنانية. • مولده ونشأته: ولد -حفظه الله- في بلدة «البكيرية» من منطقة «القصيم» في شهر ذي القعدة سنة ١٣٥٢ هـ. وتوفي والده وهو صغيرٌ جدًا فلم يدركه، وتولَّت والدته تربيته، فربته خير تربية، وقدَّرَ الله له أن يُصَابَ بمرضٍ تسبَّبَ في ذهابِ بصره، وهو في العاشرة من عمره. • طلبه للعلم ومشايخه: بدأ الشيخ طلب العلم صغيرًا، فشرع في حفظ القرآن على عمِّه عبد الله بن منصور البراك، ثم على مقرئ البكيرية الشيخ عبد الرحمن بن سالم الكريديس رحمهما الله، فأكمل الشيخ حفظ القرآن وعمره اثنتا عشرة سنة تقريبًا. وفي حدود عام ١٣٦٤ - ١٣٦٥ هـ بدأ في حضور الدروس والقراءة على العلماء، فقرأ على الشيخ عبد العزيز بن عبد الله السبيل ﵀ جملة من كتاب «التوحيد»، و«الآجرومية»، وقرأ على قاضي البكيرية الشيخ محمد بن مقبل المقبل ﵀ «الأصول الثلاثة». وفي عام ١٣٦٦ هـ تقريبًا قُدِّرَ له السفر إلى مكة، ومكث بها ثلاث سنين،

1 / 21

فقرأ فيها على إمام المسجد الحرام الشيخ عبدالله بن محمد الخليفي ﵀ في «الآجرومية». وفي مكة التقى بعالمٍ فاضلٍ من كبار تلاميذ العلامة محمد بن إبراهيم هو الشيخ صالح بن حسين العراقي، فجالسه واستفاد منه كثيرًا، ولما عُيِّن الشيخ صالح مديرًا للمدرسة «العزيزة» في بلدة «الدلم» أحبَّ الشيخ صالح أن يرافقه الشيخ عبدالرحمن حفاوة به، فصحبه لطلب العلم على الشيخ ابن باز حين كان قاضيًا في بلدة «الدلم»، فرحل معه في ربيع الأول من عام ١٣٦٩ هـ، والتحق بالمدرسة «العزيزة» بالصف الرابع، وكان من أهم ما استفاده في تلك السنة الإلمام بقواعد «التجويد» الأساسية. وفي نفس السنة سافر مع جمع من الطلاب مع الشيخ ابن باز إلى الحج، وبعد عودته ترك الدراسة في المدرسة العزيزة، وآثر حفظ المتون مع طلاب الشيخ ابن باز، فحفظ «الأصول الثلاثة»، و«كتاب التوحيد»، و«الآجرومية»، و«قطر الندى»، و«الرحبية»، وقدرًا من «ألفية ابن مالك» في النحو، و«ألفية العراقي» في علوم الحديث. ولازم دروس الشيخ ابن باز المتنوعة، وبقي في «الدلم» إلى أواخر عام ١٣٧٠ هـ، وكانت إقامته هناك لها أثر كبير في حياته العلمية. ولما فتح «المعهد العلمي» في الرياض في محرم ١٣٧١ هـ التحق الشيخ به في القسم الثانوي، وكانت مدة الدراسة الثانوية أربع سنوات، فتخرج فيه عام ١٣٧٤ هـ، ثم التحق بـ «كلية الشريعة» بالرياض، وتخرج فيها سنة ١٣٧٨ هـ. وكان من أبرز مشايخه في «المعهد» و«الكلية»: ١ - العلامة عبد العزيز ابن باز. ٢ - العلامة محمد الأمين الشنقيطي، ودرس عليه في «المعهد العلمي»: «التفسير»، و«أصول الفقه». ٣ - العلامة عبدالرزاق عفيفي، ودرس عليه: «التوحيد»، و«النحو»، و«أصول الفقه».

1 / 22

٤ - الشيخ محمد عبدالرزاق حمزة. ٥ - الشيخ عبد العزيز بن ناصر الرشيد. ٦ - الشيخ عبد الرحمن الأفريقي. ٧ - الشيخ عبد اللطيف سرحان، ودرس عليه في «النحو». وغيرهم، ﵏ جميعًا. وكان في تلك المدة يحضر بعض دروس العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ في المسجد. وأكبر مشايخه عنده وأعظمهم أثرًا في نفسه: العلامة عبد العزيز ابن باز ﵀، فقد أفاد منه أكثر من خمسين عامًا بدءًا من عام ١٣٦٩ هـ إلى وفاته في عام ١٤٢٠ هـ، ثم يليه الشيخ صالح العراقي الذي استفاد منه حب الدليل، ونبذ التقليد، والتدقيق في علوم «اللغة» من «نحو»، و«صرف»، و«عَروض». • الأعمال التي تولاها: عُيِّن الشيخ مدرسًا في «المعهد العلمي» في مدينة الرياض سنة ١٣٧٩ هـ وبقي فيه ثلاثة أعوام، ثم نُقل إلى «كلية الشريعة» بالرياض، وتولى تدريس العلوم الشرعية، ولما افتتحت «كلية أصول الدين» عام ١٣٩٦ هـ نقل إليها في قسم «العقيدة والمذاهب المعاصرة»، وبقي فيها إلى أن تقاعد عام ١٤٢٠ هـ، وأشرف خلالها على العشرات من الرسائل العلمية. وبعد التقاعد رغبت «الكلية» التعاقد معه؛ فعمل مدة ثم ترك. كما طلب منه شيخه ابن باز ﵀ أن يتولَّى العمل في الإفتاء مرارًا؛ فتمنَّع، ورضي منه شيخه أن ينيبه في «رئاسة الإفتاء» في الرياض في فصل الصيفِ حين ينتقل المفتون إلى مدينة «الطائف»، فأجاب الشيخ حياءً؛ إذ تولى العمل مرتين، ثم تركه. وبعد وفاة العلامة ابن باز ﵀ طلب منه المفتي العام الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أن يكون عضو إفتاء، وألح عليه في ذلك؛ فامتنع، وآثر التفرغ للدعوة والتعليم.

1 / 23

جهوده في نشر للعلم: جلس الشيخ للتعليم في مسجده الذي يتولى إمامته -مسجد الخليفي بحي الفاروق-، ومعظم دروسه فيه، وكذلك التدريس في بيته مع بعض خاصة طلابه، وله دروس في مساجد أخرى، إضافة إلى مشاركاته الكثيرة في الدورات العلمية المكثفة التي تقام في الصيف، وإلقائه للمحاضرات في مدينة «الرياض»، وغيرها من مناطق المملكة. وله كذلك مشاركات متعددة في الدورات العلمية المكثفة التي تقام في الصيف، كما ألقى عدة دروس عبر الهاتف لطلاب العلم في الخارج، إضافة لإلقائه كثيرًا من المحاضرات في موضوعات متنوعة، وكذا الكلمات الدعوية في مختلف المناسبات، كما تعرض على الشيخ بعض الأسئلة من عدد من المواقع الإسلامية في الشبكة العالمية، ويجيب عليها. • جهوده الاحتسابية: للشيخ -حفظه الله- جهود مباركة في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإصلاح بين الناس، ومناصحة المسؤلين والكتابة لهم، وتحذير الناس من البدع وسائر الانحرافات والمخالفات، وله في ذلك فتاوى ومقالات كثيرة، وله مشاركة مع بعض المشايخ في عدد من البيانات والنصائح الموجهة للعموم المسلمين. كما أن للشيخ -حفظه الله- اهتمامًا بالغًا بأمور المسلمين في جميع أنحاء العالم، فيتابع أخبارهم ويحزن ويتألم لما يحدث لهم من مصائب ونكبات، وفي أوقات الأزمات يبادر بالدعاء لهم، ويبذل النصح والتوجيه لهم، وما يجب على المسلمين نحوهم. • إنتاجه العلمي: انصرف الشيخ عن التأليف مع توفر آلته، وبذل معظم وقته في حلقات العلم، معلِّمًا ومحاضِرًا ومفتيًا، وقد دوِّنت عنه المئات من الفتاوى، وقرئت

1 / 24