"جلس ابن مالك يومًا، وذكر ما انفرد به صاحب المحكم (١) عن الأزهري (٢) في اللغة".
وهذا -لا ريب- أمر عظيم؛ لأنه يحتاج إلى معرفة ما في الكتابين معرفة دقيقة، ثم الموازنة بين ما اشتملا عليه.
أما النحو والصرف، فقد كان فيهما بحرًا لا يشق لجه، حتى صار يضرب به المثل في دقائق النحو، وغوامض الصرف (٣).
وفي هذا المجال عجب الفضلاء من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته واستحضاره لكل ما مر به، حتى أصبحوا في حيرة من أمره (٤)، وانبري من بينهم من يقول:
"إن ابن مالك ما خلى للنحو حرمة" (٥).
وسمع ابن مالك يقول (٦) عن ابن الحاجب (٧):
"إنه أخذ علمه عن صاحب المفصل، وصاحب المفصل نحوي صغيره".
_________
(١) أبو الحسن علي بن إسماعيل المعروف بابن سيدة، ولد سنة ٣٩٨ هـ وتوفي سنة ٤٥٨ هـ.
(٢) أبو منصور محمد بن أحمد بن أزهر، صاحب كتاب التهذيب ولد سنة ٢٨٢ هـ وتوفي سنة ٣٧٠ هـ.
(٣) المقري: نفح الطيب ٧/ ٢٧٨.
(٤) السيوطي: بغية الوعاة ص ٥٣.
(٥) القاتل هو الشيخ ركن الدين بن القوبع، كما في نفح الطيب ٧/ ٢٧٢، وبغية الوعاة ص ٥٥.
(٦) بغية الوعاة ص ٥٥، نفح الطيب ٧/ ٢٧٢.
(٧) عثمان بن عمر بن أبي بكر. ولد بإسنا من صعيد مصر سنة ٥٧٠ هـ، وتوفي في الإسكندرية سنة ٦٤٦ هـ.
1 / 26